قرار “صلاحية استيراد المنتجات” على ميزان الطعن؟
في خضمّ أزمة فقدان المنتجات الأساسية في حياة اللبنانيين، وإذا ما وُجدت فتكون أسعارها باهظة جداً تفوق قدرتهم الشرائية، أصدر القاضي رالف كركبي بصفته قاضياً للأمور المستعجلة في المتن، قراراً يوصَف بأنه الأجرأ، كونه يعطي الصلاحية لأي شركة أو فرد باستيراد منتجات فَقَدتها السوق اللبنانية من دون إمكان التحكم بحصرية توفيرها من قبل الوكيل الحصري. وقد بنى القاضي كركبي قراره على نَص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من قانون المنافسة رقم 2022/281، وبذلك يكون القرار المذكور قد كَسَر حاجز الاحتكار والحصرية.
واستند القاضي إلى قانون المنافسة رقم 281 تاريخ 15/3/2022 المنشور في العدد 12 من الجريدة الرسمية تاريخ 17/3/2022 الذي ينصّ في الفقرة الأولى من مادته الخامسة على ما حرفيّته: “لا يَسري بند حصر التمثيل التجاري على الأشخاص الثالثيين (الشركات أو الأفراد) حتى ولو أعلنه الوكيل بقيده في السجل التجاري، ولكل شخص لبناني طبيعي أو معني بالحق في استيراد أي منتج من بضاعة لها ممثل حصري في لبنان، سواء كان ذلك لاستعماله الشخصي أو الاتجار به، ما يعني أنه يحق لكل فرد أو مؤسسة استيراد أي نوع من البضائع والمنتجات، ولو كان لها وكيل حصري في لبنان، الأمر الذي يُنهي الاحتكار في التجارة اللبنانية”.
هذا القانون دونه محاذير وإيجابيات في الوقت عينه، مع ما يحمله من ضبابية أو بالحري ثغرات قد تفتح المجال أمام الطعن كحدّ أقصى أو المعارضة في الحدّ الأدنى.
رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص يعتبر في حديث لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “القرار المذكور جريء ونوعي ومتقدّم وهو يمثّل أولى التطبيقات للقانون الجديد الصادر حول موضوع مكافحة الاحتكار ورفع الوكالات الحصريّة”.
ويقول، ليس من المستغرَب أن يصدر هذا القرار عن الرئيس كركبي لأنه معروف بقراراته النوعية والمتقدِّمة، على أمل أن تحذو حذوه المحاكم كافة وجميع القضاة في وضع القانون الجديد موضع التنفيذ، نظراً إلى التبعات الاجتماعية والاقتصادية والمالية الكبيرة التي جاء عليها القانون الجديد وأرسى بموجبها تحديات من حيث إدخال نظام جديد في القانون اللبناني لم يكن سائداً في السابق، ومن الطبيعي أن يصاحَب بممانعة واعتراضات أصحاب الوكالات الحصريّة، الأمر الذي يقتضي معه وجود توجّه قضائي حازم وفاعل في اتجاه تطبيق أحكام القانون الجديد كما فعل القاضي كركبي، لأن من شأن ذلك أن يؤدي أيضاً إلى وجه إيجابي. فالأمر لا يقتصر على سلبيّة انتزاع الوكالات من الممثلين الحصريين، لكنه في الوجه الإيجابي منه يؤدي إلى خفض الأسعار لنحو 30 في المئة نتيجة رفع الاحتكارات والوكالات الحصرية، على اعتبار أن لبنان جاء متأخّراً في هذا التشريع بعدما سبقته دول العالم إليه وإلى توقيع اتفاقية الـ”غات” المتعلقة بالتجارة العالمية والتي أدّت منذ زمن إلى إلغاء الوكالات الحصرية، فكان على لبنان أن يذهب في هذا الاتجاه منذ سنين عديدة.
ويتابع مرقص، أما وقد حصل ذلك ولو متأخراً، فالمأمول أن يوضع أيضاً موضع التنفيذ من قِبَل القضاء اللبناني المختص كما ذهب إليه قرار الرئيس كركبي.
لكن المنسّق التنفيذي لمؤسسة JUSTICIA فارس أبي خليل يقول، عبر موقعنا، لا شك أنها بادرة خير لصدور أول حكم يطبق قانون المنافسة رقم 281/2022، إلاّ أنه من المهم الإشارة إلى ما يلي:
1 – قابلية الحكم للتطبيق:
قضي في الحكم حسب الإعلام أنه استند إلى المادة /5/ من قانون المنافسة بما يلي:
…” الصلاحية لأي شركة أو فرد باستيراد منتجات فَقَدَتها السوق اللبنانية من دون إمكان التحكم بحصرية توفيرها من قبل الوكيل الحصري”.
• إلاّ أن موضوع “فقدانها من السوق” ومدى “قدرة الوكيل الحصري على التحكم بالحصرية” ليست شروطاً منصوص عليها في نصوص القانون، بالتالي نخشى أن يكون الحكم قد وضع شروطاً غير موجودة في المادة /5/ والتي استند عليها الحكم.
• كما أن الشروط المذكورة التي نخشى أن يكون الحكم قضى بها من دون سند قانوني يصعب جداً إثباتها في ظل عدم وجود معايير لاعتبار البضاعة “مفقودة من السوق” أو إثبات “عدم قدرة الوكيل الحصري السيطرة على حصريتها”، ممّا قد يكون ثغرة ونخشى أن تفتح المجال للتأويل وصعوبة التطبيق.
2 - قابلية الحكم للطعن:
كما ذكرنا أعلاه، إن القانون رقم 281/2022 لم ينص على الشروط التي استند عليها الحكم، كما أنه لم يفتح المجال للاستنساب في وضع شروط إضافية غير المنصوص عليها. لذلك، نخشى أن يؤدي هذا الأمر إلى الطعن بالحكم أمام محكمة الاستئناف المدنية الناظرة في قضايا العجلة.