كد استاذ القانون الدولي ورئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية الدكتور بول مرقص، في حديث لـ”النشرة”، أنه “رغم أن إسرائيل ليست طرفاً في نظام روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، وبالتالي لا تعترف باختصاصها، تبقى هذه المحكمة مختصة للنظر في الجرائم المرتكبة في غزة، لأن فلسطين، التي أصبحت في العام 2015 طرفاً في نظام روما، تعترف باختصاص المحكمة، وذلك بعد أن اكتسبت صفة “دولة مراقب” في الأمم المتحدة في العام 2012، حيث أن المحكمة الجنائية الدولية تكون مختصة للنظر في المسألة عندما تكون الأحداث المحالة اليها قد وقعت على أرض دولة طرف في نظام روما”
أما بالنسبة إلى مذكرات إلقاء القبض، أوضح أن “دائرة ما قبل المحاكمة، المؤلفة من ثلاثة قضاة، هي مختصة لاصدار مذكرة إلقاء قبض بناءً على طلب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى أن هذه الدائرة لم تُصدر بعد أي مذكرة ضد أي مسؤول إسرائيلي أو من حركة “حماس”، لكن مصادر قريبة من المحكمة قالت إن هناك إمكانية جدّية بإصدار مذكرة إلقاء قبض، مما أثار إمتعاضات شديدة لدى الجانب الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية”.
وأشار مرقص إلى أن “المحكمة الجنائية الدولية لا تستطيع إصدار حكم غيابي، فهي لن تستطيع محاكمة المتهمين غيابيًا (in absentia)، لذلك فإن إصدار وتطبيق مذكرة إعتقال أمر اساسي للتأكد من أن المتهمين سيكونون حاضرين اثناء المحاكمة، وإلّا فالتّحقيق يبقى حبراً على ورق ويتعطل أو يشلّ عمل المحكمة”.
ولفت إلى أن “العائق الأساسي هو أن المحكمة لا تملك أية وسائل تمكنها من تنفيذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة عنها، فالدول الأعضاء في اتفاقية روما هي التي يتعين عليها التعاون من أجل إلقاء القبض على الأشخاص الصادرة بحقهم هذه المذكرات في حال تواجدهم على أراضيها، موضحاً أن هذه المسألة حساسة ودقيقة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي فيما يخص العلاقات بين الدول لأنّه غالباً ما يكون الشخص الصادر بحقه مذكرة إلقاء قبض مسؤولاً مهمًّا في دولة معينة، وهذا الأمر لا يمكن تجاهله خصوصاً إذا كان المسؤولون الصادرة بحقهم مذكرات إلقاء قبض إسرائيليي الجنسية، إذ انه في حال صدرت المذكرات بحقّهم، من الصعب على الكثير من الدول المعنية أن تتعاون مع المحكمة الجنائية لإلقاء القبض عليهم بإستثناء بعض الدول، ومنها الدول السبع التي تقدّمت بإحالة قضية غزة الى المحكمة، وبعض الدول الأخرى التي أعلنت عن نيّتها بالتعاون كفرنسا وألمانيا والنروج”.
كما لفت مرقص إلى أن “هناك صعوبات عدة تعرقل إصدار مذكرات إلقاء القبض تلك، وفي حال صدرت، تُعرقل تنفيذها، مع الإشارة الى ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أجاب على المصادر التي تُرجّح إصدار مذكرات إلقاء قبض بحق مسؤولين إسرائيليين، بأنّ المحكمة الجنائية الدولية بمواقفها تُغذي معاداة السامية، مشيراً إلى أن استعمال عبارة “معاداة السامية” يشكل سلاحاً قوياً يؤثّر على المجتمع الغربي وخاصّةً الأوروبي، لأنه مازال متأثرًا بالفظائع والجرائم التي ارتكبت بحق اليهود في الحرب العالمية الثانية ويَخشى بشدة أن تتكرر”.
على صعيد متصل، أوضح أن “الولايات المتحدة ليست طرفاً في نظام روما، وبالتالي هي لا تعترف بإختصاص المحكمة الجنائية الدولية، مما سيساعد إسرائيل ويمكّنها من القيام بأي خطوة لمنع إصدار مذكرات إلقاء القبض بحق مسؤوليها، وفي حال إصدارها فمن الممكن أن يعاقب على تلك الخطوة التي تكون قد قامت بها المحكمة الجنائية الدولية”.