لا يختلف اثنان على أن المذبحةً التي ارتكبتها إسرائيل هي الأفظع في تاريخها بحق المدنيين، بعد إغارتها على المستشفى المعمداني، الذي يأوي عائلات هاربة من القصف، هي جريمة حرب، وهو ما أكدت عليه قيادات ومؤسسات حقوقية وإنسانية بمعزلٍ عن المقاربات السياسية المنحازة، خصوصاً وأن المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، تحظّر استهداف المدنيين وممتلكاتهم، فضلاً عن البروتوكول الأول الملحق والّذي ينصّ على ضرورة حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.
فهل تتمّ مقاربة هذه المجزرة التي أوقعت مئات الضحايا والجرحى من المدنيين أولاً كما استهداف منشأة طبية ثانياً، على أنها جريمة حرب ضد الإنسانية، نفذتها إسرائيل؟ عن هذا السؤال يجيب عميد كلية العلاقات الدولية في الجامعة الدولية في ستراسبورغ ورئيس مؤسسة “جوستيسيا” الدكتور بول مرقص، مؤكداً في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أن “الهجمات على المنشآت الطبية تتعارض مع أحكام المادة 18 من اتّفاقيّة جنيف الرابعة التي تنصّ على حماية الوحدات الطبية وتحظّر استهدافها، كما والمادتين 12 و13 من البروتوكول الأول الملحق بالإتفاقية الّذي يرعى حقّ الجرحى والمرضى في الحصول على العناية الطبية وتحظّر على نحو صريح استهداف المستشفيات والوحدات الصحية”.
وعليه، يجزم الدكتور مرقص بأن “تدمير المستشفى المعمداني واستهداف المئات من المرضى والنازحين المعزولين، يشكّل انتهاكاً صارخاً لأبسط قواعد النزاعات المسلحة ويُصنّف جريمة ضد الإنسانية.”
بالإضافة إلى ذلك، يرى مرقص أن ” استهداف الصحفيين إلى حدود أن يودي ذلك بحياتهم كما حصل مع الشهيد عصام عبدالله، يشكّل انتهاكًا صارخًا لسلامتهم وللحرية الصحفية وحقوق الإنسان، وهو الأمر الّذي يضرب عرض الحائط المادة 79 من البروتوكول الأول المُلحق باتفاقيات جنيف، والتي تُلزم الأطراف المتحاربة بتحييد، لا بل حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1738، والقاعدة 34 من الدراسة الدولية للجنة الدولية للصليب الأحمر”.
ووفق مرقص فإن “هذه الأعمال تشكّل جرائم حرب كما وصّفتها المادتان 32 و 33 من اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الثاني الملحق بها، ولذلك، ينبغي على المجتمع الدولي التحرك بشكل فاعل وفوري لضمان حماية الحقوق ولاسيّما الحق في الحياة الكريمة والسلامة البدنية ووضع حدٍ للإعتداءات ومنع توسّع رقعة النزاع، كما وتتطلّب هذه الإنتهاكات الخطيرة التحقيق الفوري والمساءلة القانونية وفقًا للقانون الدولي الإنساني والمواثيق العالمية ذات الصلة، وتالياً ملاحقة المسؤولين عن هذه الأفعال كمجرمي حرب وإنزال العدالة الجنائية بهم”.
فضلاً عن ذلك، يشدد مرقص على “وجوب تسهيل انعقاد مجلس الأمن الدولي فوراً وإنجاح عمله باتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة للتصدّي لهذه الانتهاكات وفق مندرجات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كما وعلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، التحرّك فورا وضمان متابعة القضية والعمل على حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة بعيداً عن السياسة ومصالح الدول الكبرى على حساب حقوق الإنسان.”