الأخبار و الصحف

فرنسا تصدر مذكرة توقيف دولية في حق كارلوس غصن… فهل تسلّمه الدولة اللبنانية؟ 22 – أبريل – 2022

بيروت-“القدس العربي”: برز تطور قضائي جديد في قضية الرئيس السابق لتحالف “رينو نيسان” اللبناني كارلوس غصن إذ أصدرت فرنسا مذكّرة توقيف دولية في حق غصن الذي كان أوقف في اليابان نهاية 2018 وتمكّن من الهروب.
وتتعلق المذكرة بأكثر من 15 مليون يورو من مدفوعات مشبوهة بين تحالف “رينو” و”نيسان” الذي كان يترأسه غصن وشركة عمانية هي “سهيل بهوان للسيارات”، وفق ما أوضح المدّعون في ضاحية نانتير في باريس لوكالة “فرانس برس”. وقال مكتب المدعي العام في نانتير لصحيفة “وول ستريت جورنال” إنّ قاضي التحقيق أصدر 5 مذكرات دولية بالقبض على غصن والمالكين الحاليين أو المديرين السابقين للشركة العمانية سهيل بهوان للسيارات، وهي موزع سيارات في السلطنة. وتقول المذكرات إن غصن قام بتحويل ملايين الدولارات من أموال “رينو” من خلال موزع السيارات العماني لاستخدامه الشخصي بما في ذلك شراء يخت.
وجاءت ردة الفعل الأولية من كارلوس غصن لتعبّر عن مفاجأته بالتقارير الإعلامية التي نُشرت عن أن المدعين الفرنسيين أصدروا أمراً دولياً بالقبض عليه. وقال متحدث باسم غصن لـ”رويترز”: “هذا أمر مفاجئ… غصن تعاون دائماً مع السلطات الفرنسية”.
وكان غصن أكد استعداده لتبرئة اسمه لدى السلطات الفرنسية وتعهّد بالطعن في مذكرة الانتربول التي تمنعه من السفر خارج لبنان لأنه يثق بالنظام القانوني الفرنسي أكثر بكثير من النظام الياباني الذي فرّ منه. وسبق أن حضر فريق من المحققين الفرنسيين إلى بيروت لاستجواب غصن للاشتباه بارتكابه مخالفات مالية، وشارك في هذا الاستجواب 7 قضاة فرنسيين معظمهم قضاة تحقيق ومدع عام بحضور المدعي العام اللبناني عماد قبلان. وركّز المحققون الفرنسيون في حينه على تمويل الحفلات الفخمة التي أقامها غصن في قصر فرساي كرئيس لتحالف سيارات رينو ونيسان ، بالإضافة إلى 11 مليون يورو في الإنفاق على الطائرات والمناسبات الخاصة. رتبتها شركة هولندية وإعانات لوكيل سيارات في سلطنة عمان.
وبعد مذكرة التوقيف الفرنسية تتجه الأنظار إلى موقف لبنان منها ومدى تجاوبه مع تسليم غصن خصوصاً أن علاقة لبنان بفرنسا تختلف عن علاقته باليابان حيث تذرّعت السلطات اللبنانية يومها بعدم وجود اتفاقية موقعة بين لبنان واليابان لتبادل المتهمين.
في رأي رئيس مؤسسة Justicia الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص فإن “المبدأ هو أن الدولة لا تسلّم مواطنيها إلا في حال وجود اتفاق مخالف مع دولة أخرى تلزمها بتسليم رعاياها الأمر المنتفي في حالة السيد كارلوس غصن المطلوب من السلطات الفرنسية”، ويقول مرقص لـ”القدس العربي”: إنه “ في حالة السيد كارلوس غصن المطلوب من السلطات الفرنسية، لبنان غير ملزم بتسليمه بما أنه مواطن لبناني، والمادة /31/ من قانون العقوبات تنصّ على إباحة الاسترداد في حالات 3 غير إلزامية (يمكن قبوله). هذه المادة تشير إلى الحق بالمطالبة باسترداد وليست الإلزامية، ولإباحة الاسترداد، يتعيّن أن يتحقّق لدى الدولة، طالبة الاسترداد، أي فرنسا، اختصاص من الاختصاصات الثلاثة وهي أن تكون: الجرائم المقترفة في أرض الدولة طالبة الاسترداد، أو الجرائم التي تنال من أمنها أو من مكانتها المالية، أو الجرائم التي يقترفها أحد رعاياها، كي تتمكّن من طلب ملاحقة الشخص الذي تطلب استرداده وتسليمه لها، غير أنه يبقى للدولة اللبنانية الحق برفض تسليم رعاياها حتى في حال توافر الشروط الثلاثة.
كما أنه طالما هناك صلاحية للمحاكم اللبنانية للنظر في القضية فيمكن للدولة اللبنانية أن ترفض تسليم المجرم، سنداً للمادة /20/ من قانون العقوبات التي تنص على ما يلي: “تطبق الشريعة اللبنانية على كل لبناني، فاعلاً كان أو محرضاً أو متدخلاً، أقدم خارج الأراضي اللبنانية، على ارتكاب جنحة أو جناية تعاقب عليها الشريعة اللبنانية. ويبقى الأمر كذلك ولو فقد المدعى عليه أو اكتسب الجنسية اللبنانية بعد ارتكاب الجناية أو الجنحة.
ويضيف الدكتور مرقص “لكنني أرى أن صدور مذكرة توقيف دولية بحق السيد غصن سوف يحدّ من تحركاته بين دول العالم، كما أنه يمكن أن يصحب مذكرة التوقيف ضغط على لبنان الذي يستضيف السيد غصن لتوقيفه لكي يصار إلى تسليمه إلى الإنتربول. وأشير إلى أنه في عام 2016 صدرت مذكرة توقيف دولية بحق الكاهن منصور لبكي من الإنتربول لكي يمثل أمام القضاء الفرنسي إلا أن لبنان امتنع عندها عن تسليمه، وفي حالة أخرى حيث امتنع لبنان أيضًا عن تسليم رجل الأعمال اللبناني زياد تقي الدين الذي أيضًا صدرت في حقه مذكرة توقيف دولية من الإنتربول عام 2020 لتسليمه إلى السلطات الفرنسية. بالتالي، أعتقد أنه في حال إصرار لبنان على رفض تسليم السيد غصن، لا يمكن أن تلزمه السلطات الفرنسية، ويمكن للبنان أن يحاكمه ويطلب ملفه من فرنسا، على أنه بمجرّد خروج السيد غصن من الأراضي اللبنانية يمكن لأي دولة أن تلقي القبض عليه بموجب النشرة الحمراء الدولية التي أصدرها الإنتربول وتسليمه لفرنسا، حيث سيمثل أمام قاضي التحقيق في نانتير في منطقة باريس الذي أصدر مذكرة التوقيف بحقه والذي في هكذا حالة سيبلغه بقرار الاتهام ويصار إلى محاكمته”.
ولكن هل مازال كارلوس غصن في لبنان أم غادر قبل صدور المذكرة الدولية لئى يحرج الدولة اللبنانية مع فرنسا التي تسعى لمساعدة الشعب اللبناني؟

المصدر
alquds.co.uk
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق