الأخبار و الصحفالأخبار و الصحف

الفيول الإيراني وكابوس العقوبات على لبنان 22/09/2022

المقالات المُذيّلة بأسماء كاتبيها تُعبّر عن آرائهم الخاصّة، وليس بالضرورة عن رأي موقع “السياسة”

كتبت إيفانا الخوري في “السياسة”: 

“قضية الوقود المجاني غير مطروحة” و”السفن المحمّلة بالفيول الإيراني ستكون جاهزة خلال أسبوع أو أسبوعين للإبحار باتجاه لبنان والرسو في الميناء الذي يحدّده الجانب اللّبناني”. خبران متناقضان إلى حدّ ما صدرا عن الجانب الإيراني الأول أتى على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني أمّا الثاني فصدر عن السفارة الإيرانية في بيروت. وبين الحديث عن خطأ في الترجمة وآخر عن إسراع إيراني لتفادي إحراج حزب الله في بيروت،  يمثل مصير ملف الفيول الإيراني نتيجة نهاية واحدة من معارك القوات اللّبنانية وحزب الله، السياسية. 

وبالعودة إلى خلفية التحدي نصل إلى إعلان السيد حسن نصرالله، أمين عام الحزب استعداد إيران تقديم فيولها مجانًا للبنان ليردّ بعدها رئيس القوات سمير جعجع داعيًا الحكومة اللّبنانية لقبول المنحة بهدف إحراج نصرالله وإثبات أنّ الحديث ليس أكثر من “بالون”.

وفيما تصرّ وزارة الطاقة على إحاطة اتفاقها مع إيران بكثير من السريّة، تحدثت معلومات صحافية عن أنّ كمية الفيول الإيراني تقدر  بـ 120 ألف طنّ شهريًّا على مدى 6 أشهر، من دون معرفة نوعية الفيول وما إذا كان بحاجة للتكرير على اعتبار أنّ ذلك سيعني حكمًا انخفاض الكمية.

غير أنّ إضاءة البلد إن حصلت فعلًا، ستغرقه في سواد من نوعٍ آخر في ظلّ عقوبات أميركية صارمة لم يتنبّه لها المسؤولون بعد. وهو ما يؤكده رئيس منظمة “جوستيسيا”، بول مرقص.

بموجب الأمر التنفيذي رقم 13846 الصادر عن الإدارة الأميركية بتاريخ 6 آب 2018، يمنع أي تعامل بالنفط الإيراني، إن كان شراءً أو نقلًا أو تحميلاً أو تفريغًا أو توزيعًا أو حتى إستفادةً بموجب بيع أو حيازة. بالإضافة إلى العقوبات الصادرة في الخامس من تشرين الثاني عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC)، والتي تشمل قطاع النفط الإيراني على نحو أوسع وأكثر شمولية، وذلك كأداة لتحقيق أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، وهي من أشدّ العقوبات التي صدرت بحقّ إيران، وفقًا لمرقص.

وبذلك، يبدو لبنان أمام خيارين أحلاهما مرّ، الأمر الذي يصعّب إيجاد الحلّ اللّازم والضروري لمشكلة الكهرباء سريعًا في ظلّ انعدام إمكانية شراء المزيد من الفيول والدفع بالدولار مع تراجع الجباية وعدم رفع التعرفة وانخفاض قيمة اللّيرة اللّبنانية أمام الدولار.

وعلى وقع هذه التطورات، يسأل اللّبنانيون: هل نترقب فرض عقوبات أميركية على الدولة؟ 

في هذا الإطار، يردّ مرقص على هواجس اللّبنانيين بالعودة إلى الفقرة الثالثة من الأمر التنفيذي رقم 13846، التي تنصّ على عدم إمكانية الشراء أو الحيازة أو التوزيع وأي تعاطي حتى بموضوع البترول، وتعتبر أنه إذا حدث هذا الأمر “knowingly” كما جاء في الأمر التنفيذي المذكور أي عن علم. أي من خلال معرفة المستفيد من أنّ النفط مصدره إيراني وقبوله بالتعامل معه إن كان بالشراء أو بالحيازة أو بالتوزيع والإستفادة، تفرض عليه العقوبات.  ويمكن أن يفرضها وزير الخارجية الأميركي وذلك بالتشاور مع وزير الخزانة ووزير التجارة، بالإضافة الى وزير الأمن الداخلي وغيرهم من المسؤولين في الإدارة الأميركية المختصّين. لافتًا إلى أنّ المعيار الذي يحدّد ما إذا كان تعاطي المستفيد مع النفط الإيراني قد تمّ عن علم أو من دون علم، هو معيار متشدّد قائم على “strict liability”، أي يعتبر أنه هناك قرينة “العلم المفترضة” “Reasons to know”، وبالتالي إن لم يكن يعلم إلا أنه قد تكون هناك قرينة من أنه مفترض أن يكون عالمًا.

مفتاح الحلّ مع واشنطن

يمكن للبنان تجنب السيناريو الأسود إذا ما استحصل على إعفاء أميركي كما حصل مع دول كثيرة. ويقول مرقص: التعامل مع النفط الإيراني، من دون الحصول على إعفاء خاص من وزارة الخزينة الأميركية قد يضع لبنان تحت خطر العقوبات، مع أنني أعتقد أنه لن تفرض هذه العقوبات بالضرورة نتيجة هذه التعاملات، لأنها تعود إلى تقدير الإدارة الأميركية، والتي أيضًا كانت تستطيع أن تعطي إستثناء وما يسمى بالـ”waiver”، إذا تمّ التقدّم بهذا الطلب من قبل السلطات اللّبنانية إستنادًا الى حاجات لبنان الحيوية.

ويضيف: سبق وأن قدّمت الولايات المتحدّة الأميركية إعفاءات لدول عديدة في ما خصّ العقوبات على استيراد النفط الإيراني، فقد حظيت دول كالصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا وإيطاليا واليابان وتايوان واليونان بإعفاءات استثنائية من العقوبات، ولو لفترة محدودة وقصيرة . لأنه وبحسب ما صرّح وزير خارجية أميركا، فإن الإعفاء جاء بالنظر إلى الظروف الخاصة لهذه البلدان التي تعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني وكذلك لضمان العرض الكافي في سوق النفط.

صرخات استغاثة والهبة غير مستثناة

وتزامنًا مع الصرخات القانونية، يشدد المدافعون سيّما الأطراف المقربة من “حزب الله” على أنّ الفيول هبة من إيران وبالتالي فهي تعفى من العقوبات الأميركية قانونًا. إلّا أنّ الواقع يشير إلى عكس ذلك تمامًا وهو ما شدد عليه مرقص الذي  يلفت إلى أنه يجري تصنيف صفقة النفط المحتملة  بأنها مجانية ولن تعود بأرباح إلى إيران. لكنّ الأمر التنفيذي واضح لجهة أولًا قوله حيازة وليس فقط بيع أو توزيع وثانيًا لعدم استثناء الهبات وإلّا فكان وضعها في نصّ صريح. مع الإشارة الى أنّ قبل الأمر التنفيذي لعام ٢٠١٨ كان هناك الأمر التنفيذي الصادر عن إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عام ٢٠١٢ ولم يكن يذكر الحيازة بل فقط البيع أو التعامل أو التسهيل.

وتجدر الإشارة إلى أنّ وزارة الطاقة لم توضّح بعد ما إذا الفيول الإيراني سيأتي فعلًا كهبة مجانية أم أنّ لبنان سيدفع.

إلى ذلك، يعيش النظام الإيراني أسوأ أيامه مع اندلاع موجة احتجاجات امتدت ووصلت إلى مختلف أنحاء البلاد على خلفية وفاة الشابة الكردية مهسا أميني بعد ساعات من اعتقالها من قبل “شرطة الأخلاق” بسبب طريقة ارتدائها للحجاب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق