الأخبار و الصحف

البقاء مكلف والاستقالة مسؤولية… نواب الحاكم في مهبّ المحاكمة

(14/07/2023)

لا يزال نواب حاكم مصرف لبنان عند موقفهم في مربّع التلويح بالاستقالة، كما يُفهم مما ورد في بيانهم الأخير حول “ضرورة تعيين حاكم جديد مع اقتراب انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة في 31 تموز الحالي، بأقرب وقت، وإلا سنضطر إلى اتخاذ الإجراء الذي نراه مناسباً للمصلحة العامة”. في حين تتباين الآراء حول قرار النواب الأربعة للحاكم، وما إذا كان يحق لهم الاستقالة بالمبدأ، علماً أنهم معيّنون في مراكزهم للنيابة عن الحاكم في حال عدم تمكنه من أداء وظيفته، لأي سبب، وضمناً انتهاء ولايته.

أما في حال وصلنا إلى استقالة نواب الحاكم وتم تكليفهم بتصريف الأعمال إلى حين تعيين حاكم أصيل، علماً أنهم اعتبروا في بيانهم الأخير أنه “لا يجوز أن ينسحب مفهوم تصريف الأعمال على السلطة النقدية الأعلى في الدولة”، ورفضوا الامتثال واعتكفوا عن القيام بمسؤولياتهم، هل يجوز ملاحقتهم قضائياً؟. مع الإشارة إلى أن قانون النقد والتسليف ينص على أن النائب الأول للحاكم يتولى مهامه حتى تعيين حاكم جديد، مع سائر النواب الباقين.

رئيس مؤسسة “جوستيسيا” البروفسور المحامي بول مرقص، يرى، أن “خطوة نواب الحاكم استباقية دفاعية، استدراكاً لأي مسؤوليات ستقع عليهم مع الإطالة في فترة الشغور الرئاسي وتصريف الأعمال والاستنكاف عن تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي. وعبارة الإجراء المناسب الذي قد يتخذونه، ليس حتمياً، لكن يمكن أن يكون على نحو استقالة فردية أو جماعية”.

لكن أيضاً هنا، يضيف مرقص، “ليس ذلك بالأمر السهل بسبب المسؤولية الملقاة عليهم، حتى عند تقديم استقالتهم، في هذا الظرف الحرج والحاد والاستثنائي بسبب الظروف النفدية والمالية والمصرفية غير المسبوقة التي تمر بها البلاد، مما يجعل الاستمرار في المنصب مكلف وكذلك هي الاستقالة مسؤولية”.

ويتابع، “الأصل هو أن حكومة تصريف الأعمال تقوم فقط باتخاذ القرارات الضرورية اللازمة، وبالحد الأدنى لاستمرار المرافق العامة. بالتالي، إننا نفرِّق بين الأعمال التصرفية التي لا يعود لحكومة تصريف الأعمال القيام بها، وبين الأعمال العادية المتعلقة بتسيير المرفق العام”.

وينوِّه مرقص، إلى أن “التعيينات الإدارية لا تقع في المبدأ ضمن صلاحيات حكومة تصريف الأعمال. خصوصاً متى يأتي الأمر لحاكم مصرف لبنان، الذي وإن كان يُقترح تعيينه من قبل وزير المال وفق المادة 18 من قانون النقد والتسليف، غير أن العرف درج على أن يقوم رئيس الجمهورية بتزكية تعيينه في مجلس الوزراء، بأكثرية ثلثي عدد أعضائه، على اعتبار أنه من الفئة الأولى”.

ويضيف، “أما وأن الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية في البلاد حادة واستثنائية جداً، وتُنبئ بانهيار شامل وسريع أكثر مما هو الأمر عليه راهناً، بسبب الإطالة والتمادي في عدم انتخاب رئيس للجمهورية حيث لا شيء يلوح في الأفق على هذا الصعيد، وبالنظر إلى قرب انتهاء ولاية الحاكم وتحذير نوابه من عدم انتخاب حاكم جديد والضرر الكبير المحدق بالمرفق العام النقدي والمصرفي، فإن هذه الضرورة الملحّة يمكن الاستناد إليها لتعيين حاكم جديد للمصرف المركزي”.

من جهتها، تؤكد مصادر قضائية، لموقع “القوات”، أنه “في حال تمنُّع نواب حاكم مصرف لبنان عن القيام بمسؤولياتهم الوظيفية بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة آخر تموز الحالي، يمكن ملاحقتهم قضائياً أمام المحاكم المختصة”.

وتشدد المصادر ذاتها، على أن “قانون النقد والتسليف واضح ولا لبس فيه. فنواب الحاكم وأعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان معيَّنون في مراكزهم لأداء وظيفة عامة ضمن مدة زمنية محددة، ومن ضمن شروطها أن ينوبوا عن الحاكم، خصوصاً نائب الحاكم الأول الذي يحلّ محلّه ويتولى رئاسة حاكمية مصرف لبنان بالإنابة، في حال تعذَّر على الحاكم الأصيل القيام بواجبه ومسؤولياته لأي سبب كان، لعجز أو مرض أو موت أو انتهاء ولايته أو أي سبب مانع آخر”.

وتنوِّه، إلى أن “نواب الحاكم تقاضوا منذ تعيينهم حتى الآن مبالغ طائلة تتخطى المليوني دولار، من ضمنها رواتبهم المرتفعة جداً ومخصصاتهم وبدلات السفر إلى الخارج في سياق قيامهم بوظيفتهم، وغيرها. وواجبهم الأول أن ينوبوا عن الحاكم حين يقتضي الأمر كما أشرنا، فهل يُعقل أن يتخلُّوا عن واجبهم ومسؤوليتهم الوظيفية في هذه اللحظة وفي ظل الظروف الاقتصادية والنقدية والمالية الراهنة من دون محاسبة؟ بالتأكيد لا”.

وتلفت المصادر القضائية عينها، إلى أن “احتمال تقديم نواب الحاكم استقالاتهم بشكل رسمي، ربما يعتبره البعض من حقهم في المبدأ، لكنه في الحالة التي نحن بصددها يعتبر تهرُّباً من المسؤولية المناطة بهم. لكن على الرغم من الاستقالة التي يلوِّحون بها، يمكن لوزير المال أو للحكومة تكليفهم بتصريف أعمال المرفق العام ريثما يتم تعيين حاكم أصيل للبنك المركزي، وإن امتنعوا عن الامتثال وأصرّوا على الاعتكاف عن أداء واجبهم يمكن ملاحقتهم قضائياً”.

المصدر: موقع القوات

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق