“خطر على الشرق الأوسط“، بهذا الوصف تتذرع الدولة الفرنسية حين يتم الحديث عن ملف الإفراج عن اللبناني جورج إبراهيم عبدالله بحسب ما نقله شقيقه روبير لـ”اندبندنت عربية”.
يصادف اليوم موعد تنفيذ حكم الإفراج عن عبدالله المعتقل منذ 40 عاماً بقرار اتخذته محكمة فرنسية خلال الـ15 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلا أن الدولة الفرنسية استأنفت القرار لإيقاف تنفيذ الإفراج حكماً.
وتعد عائلة عبدالله أن هذا الملف سياسي بامتياز، متخوفة من إعادة سيناريو عام 2013 عندما عرقل وزير الداخلية الفرنسي آنذاك حكم الإفراج عن جورج بقرار سياسي، على رغم صدور حكم قضائي مشروط بترحيله إلى خارج الأراضي الفرنسية.
عبدالله من بلدة القبيات اللبنانية واعتقلته السلطات الفرنسية عام 1984 بطلب أميركي، يزعم حيازته أوراقاً ثبوتية مزورة على رغم شرعيتها، وقد عثر بحوزته على جوازات سفر عدة.
كان عبدالله مناضلاً مع الحزب الشيوعي اللبناني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأسس تنظيم “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية”.
وبعد اعتقاله حكم عليه بالسجن أربعة أعوام بتهم حيازة أسلحة، ثم بالسجن المؤبد بتهمة اغتيال دبلوماسيين إسرائيلي وأميركي عام 1982 ومحاولة اغتيال قنصل أميركي في باريس، وهي تهم ظل ينفيها حتى الآن.
وتحظى قضية أشهر وأقدم سجين لبناني في فرنسا بدعم منظمات حقوقية تطالب بإطلاق سراحه. ويؤكد المحامي بول مرقص أن ضغوطاً إسرائيلية وأميركية تمارس على القضاء الفرنسي لعدم تنفيذ حكم الإفراج.
قضايا وطنية
في حديث خاص لـ”اندبندنت عربية” أضاء روبير على مسيرة شقيقه الطويلة في النضال ضد الاحتلال، مؤكداً أن “اعتقاله جاء في سياق دفاعه عن قضايا وطنية عادلة تتعلق بالتحرر الفلسطيني ورفض الاحتلال في لبنان”.
ويصف روبير شقيقه بأنه “دائم التواصل مع قضايا المنطقة، داعياً الناس إلى الصمود والمواجهة في ظل التحديات والخسائر التي تعانيها المنطقة”.
ويؤكد أن “حياة الأسير تصبح محوراً يدور حول قضيته، إذ يؤثر الاعتقال طويل الأمد على جميع جوانب حياة العائلة من الأفراح إلى الأحزان، مع تصاعد المأساة مع مرور الزمن، ومع ذلك يبقى الأمل دائماً بالإفراج عنه وتحقيق العدالة”.
الإفراج المشروط
أما بالنسبة إلى الشق القانوني والإفراج المشروط، فأوضح روبير أن “جورج مستوف للشروط القانونية للإفراج المشروط منذ عام 1999، حين أنهى المدة الأمنية المفروضة عليه بموجب القضاء الفرنسي. وعلى رغم ذلك لا يزال جورج قيد الاعتقال بسبب استئنافات متكررة من قبل الادعاء الفرنسي”.
وأشار إلى أنه “في عام 2003، صدر قرار بالإفراج عنه لكن الاستئناف الحكومي حال دون تنفيذه، وفي الآونة الأخيرة أثار قرار محكمة الشهر الماضي الأمل بالإفراج عنه خلال السادس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، لكنه أبطل بفعل استئناف جديد”.
ولفت عبدالله إلى أن “القانون الفرنسي لم يصنف جورج كمعتقل سياسي بل كمعتقل بالحق العام، وهو تصنيف ينطوي على إنكار لواقع نضاله السياسي”، مضيفاً أن “إدارة السجن الفرنسي تشهد بحسن سلوكه وهو ما يجعله مستوفياً لشروط الإفراج المشروط، إلا أن السلطات الفرنسية ما زالت ترفض الإفراج عنه مبررة ذلك بأسباب واهية”.
الضغوط الدولية
وعن دور الدولة اللبنانية في هذا السياق، أشار عبدالله إلى أن “الحكومة اللبنانية تبنت رسمياً قراراً بالإجماع خلال يونيو (تموز) الماضي لمطالبة السلطات الفرنسية بالإفراج عن جورج. وشهدت فرنسا حركة تضامن واسعة من نواب ومناضلين إضافة إلى اعتصامات وفعاليات ضغطت باتجاه الإفراج عنه، مؤكدين أن استمرار احتجازه يمثل انحرافاً عن مبادئ العدالة”.
وأضاف أن “عديداً من العوامل أسهمت في الدفع نحو قرار الإفراج، أبرزها الضغط الشعبي والمواقف الرسمية اللبنانية إلى جانب المراجعات المستمرة والاعتصامات التي تشهدها فرنسا وبلدان أخرى. وعلى رغم ذلك يبقى التعنت الفرنسي حاضراً، مدفوعاً بضغوط دولية تسعى إلى إبقاء جورج قيد الاعتقال بهدف تقويض رمزية نضاله”.
ويتحدث عبدالله عن “سعي جهات دولية إلى تقويض رمزية جورج عبدالله كنموذج للنضال ضد الاحتلال”، مؤكداً أن “هذه الجهات تسعى إلى إبقائه في السجن لتحويله إلى “درس” لمن يرفعون شعارات تحرير الشعوب”، محذراً من أن “هذا التعنت يسيء لصورة فرنسا كدولة قانون”.
العودة إلى الوطن
حول مستقبل جورج حال عودته إلى لبنان، يرى عبدالله أن “الخيارات متروكة له لكنه سيعود إلى عائلته ومحبيه بعد أعوام طويلة من الغياب. وعلى رغم المأساة التي يمر بها لبنان حالياً ستظل لحظة عودته رمزاً للأمل والصمود”.