سلّم لبنان نحو 70 سوريّاً من بينهم ضباط في النظام السوري المخلوع فرّوا إلى لبنان، على ما أعلن مصدر أمنيّ سوريّ. وبحسب معطيات لبنانية لـ”النهار”، فإنّ تسليم العسكريين السوريين التابعين للنظام السوري السابق حصل بقرار تنسيقيّ لبنانيّ حكومي أمنيّ بين وزارة الداخلية اللبنانية وجهاز الأمن العام اللبنانيّ. وخلافاً لما ذكره الكثير من الإعلام أن الجيش اللبناني سلّم السوريين الفارّين إلى إدارة السلطة الانتقالية في سوريا، تكشف معطيات رسمية لـ”النهار” أن الجيش لم يتدخّل حتى الآن في ملفّ تسليم مطلوبين سوريين للسلطة الانتقالية، ولا معرفة تشكّلت بين الإدارة التي تدير المرحلة الانتقالية في سوريا وقيادة الجيش حتى اللحظة. وتالياً، لا يمكن الحديث عن تنسيق بين الجيش اللبناني والسلطات الأمنية السورية الحالية.
وإذ بدأت الحكومة اللبنانية تتعاون مع الإدارة الانتقالية في سوريا، فإن مصدراً رسميّاً لبنانيّاً متابعاً يبيّن لـ”النهار” أنّ توجّه حكومة تصريف الأعمال يحبّذ التعاون مع السلطة الانتقالية في سوريا.
هل من قوانين أو معاهدات بين لبنان وسوريا تتيح تسليم مطلوبين، كما حصل مع تسليم لبنان أشخاصا من بينهم عسكريون سوريون للإدارة الانتقالية في سوريا؟ كيف يمكن تفسير ما حصل قانوناً؟ وهل يعني ذلك اعتراف لبنان رسميّاً بالإدارة الانتقالية؟ وما الأسلوب اللبناني الذي لا بدّ منه مع الذين يتسللون حدودياً بعد سقوط النظام السوري؟
يقول رئيس منظمة “جوستيسيا” الحقوقية العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبور المحامي بول مرقص ردّاً على أسئلة “النهار” إنّ “التعاون القضائي جائز في الأصل والمبدأ بين الدول، ويصبح أمراً طبيعياً عندما تكون الاتفاقيات الثنائية قامت بين دولتين كما حصل بين لبنان وسوريا في 15 شباط (فبراير) 1951، إذ وقّعت اتفاقية التعاون القضائي بين البلدين والتي على أساسها تنظر النيابة العامة التمييزية ومن ثم المحاكم في أمور التسليم والتعاون القضائي بين البلدين، ولكن بشروط واستثناءات معينة تحكم هذه الاتفاقيات”.
ويضيف: “من ذلك أن يكون طابع الجريمة ليس سياسيّاً ولا يخضع المطلوب أو المتهم للتعذيب لأن لبنان ملتزم اتفاقية مناهضة التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة القاسية وسواها من الأصول التي يجب أن تراعى في التسليم، كما لو كان الشخص المطلوب لبنانياً، والمادة 20 من قانون العقوبات اللبناني تمنع تسليم اللبنانيين وتطبّق عليهم المحاكم اللبنانية الشريعة اللبنانية وتحاكمهم على الجرائم التي يمكن أن يكونوا قد ارتكبوها خارج الأراضي اللبنانية”.
ويعتبر مرقص أنّ “هذه بعض الموانع والاستثناءات في الاتفاقيات القضائية تجعل التسليم غير جائز في هذه الأحوال، كما لو أن الجرم إذا لم يكن معترفاً به في لبنان لا يكون التسليم على أساسه”.
وفي استنتاجه، أن “لبنان يتعامل مع سوريا الدولة بصرف النظر عن الحكومة والرئيس الحاكم، والتعامل يجب أن يكون بين الدول. ولا تتدخل دولة في عمل الحكومة أو الرئاسة في دولة أخرى. وهذه هي الأصول. وبالنسبة إلى الحدود يجب الاستعانة بالخبرات الأجنبية وبخاصة البريطانية لمراقبة الحدود، ويمكن طلب الدعم الأميركي”.