(09/02/2024)نواف سلام رئيسا لـ”العدل الدولية” في مواجهة تحديات العالم

في ظروف استثنائية يمر بها لبنان، شكل تعيين القاضي نواف سلام رئيساً لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، مفاجأة في بيروت كسرت روتين الأخبار السلبية التي تسيطر على أجواء البلاد، ومن المفارقات البارزة أن يحتل لبناني أرفع منصب قضائي في العالم في وقت يشكو اللبنانيون غياب العدالة في بلادهم، ولا سيما في قضية تفجير مرفأ بيروت الذي تم تصنيفه أحد أضخم الانفجارات في العالم، وكذلك في قضية ضياع أموال المودعين في المصارف والمتسببين بأحد أكبر الانهيارات الاقتصادية التي حصلت في التاريخ.

ويجمع اللبنانيون على أن انتخاب سلام على رأس المحكمة الدولية يشكل بارقة أمل تعكس احتضان المجتمع الدولي للبنان في ظروفه القاسية التي يمر بها منذ سنوات، في حين يشكل أيضاً انتخابه تحديات كبيرة، ولا سيما أن أحد أبرز الاستحقاقات التي تواجهه في بداية مسيرته هي القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، إضافة إلى قضايا أخرى مرتبطة بتصاعد الصراعات والحروب بأكثر من منطقة في العالم.

نظرية “المؤامرة”

وعلى رغم أهمية انتخاب سلام في أحد أبرز المواقع الدولية مما يعزز صورة لبنان أمام المجتمع الدولي وفرصة لإيصال عديد من القضايا التي تقع ضمن صلاحيات محكمة العدل الدولية، فإن نظرية “المؤامرة” لم تغب عن كثير، ولا سيما من المؤيدين لمحور “الممانعة”، إذ اعتبرت بعض الأوساط أن الولايات المتحدة أسهمت في إيصاله، بهذا الظرف، لإحراج لبنان في القضايا المرفوعة ضد إسرائيل، إضافة إلى عرقلة الدعوى التي تقدمت بها إيران ضد الولايات المتحدة في شأن العقوبات التي فرضتها.

في المقابل، تؤكد أوساط دبلوماسية لبنانية أن انتخاب سلام أتى نتيجة كفاءته وعلاقاته المميزة مع زملائه القضاة إضافة إلى علاقات لبنان الإيجابية مع دول العالم، مشيرة إلى أن النظام الداخلي للمحكمة في المادة 32 تنص على أنه “إذا كان رئيس المحكمة من رعايا أحد الأطراف في قضية ما، فإنه لا يمارس مهام الرئاسة في ما يتعلق بهذه القضية”، أي إذا عرضت قضية يكون لبنان طرفاً فيها، فعلى الرئيس نواف سلام التنحي لصالح نائبه عن النظر في هذه القضية.

انحياز لحق الشعوب

وفي السياق، رأى الناشط السياسي والمتخصص في مجال العلوم السياسية علي مراد أن انتخاب القاضي سلام رئيساً للمحكمة الدولية، ثلاث سنوات مقبلة، هو تتويج لتجربة أكاديمية ودبلوماسية وقضائية خاضها سلام على مدى عقود، معتبراً أن “تجربة لافتة كهذه تشكل نوعاً من التضاد الصارخ مع التصحر الذي نعيشه على المستوى الداخلي، وهو نموذج يشبه لبنان الذي نريده مقابل لبنان الذي لا نريده”. وأوضح أن أي عضو في المحكمة يخضع لموجب التحفظ تجاه القضايا، بصورة عامة، تحديداً في ما خص النزاعات الدولية وتجاه القضايا السياسية في بلده الأم. وقال “من هنا نرى أن سلام يتحفظ عن الكلام السياسي المباشر بحكم المنصب الوظيفي، كذلك اليوم، مع رئاسة المحكمة يستمر حتماً التزامه موجب التحفظ تجاه القضايا السياسية، وكذلك في ما خص ملف دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل”، ولفت إلى أن من يعرف تاريخ سلام السياسي يدرك أننا أمام شخصية منحازة تاريخياً لمنطق الحقوق وقضايا الشعوب المحقة بعمقها التاريخي والإنساني بعيداً من الألعاب السياسية اليومية وسياسة المحاور.

مصدر: https://www.independentarabia.com/node/546916/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D9%85%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AA/%D9%86%D9%88%D8%A7%D9%81-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D8%A7-%D9%84%D9%80%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85

Subscribe

Related articles

Banking Challenges and Developments in Lebanon and the Middle East

Amid the profound economic transformations taking place in Lebanon...

قانونياً وأمنياً.. هل سيتمكن لبنان من إجراء الانتخابات البلدية في موعدها؟ 01-02-2025

تجرى الانتخابات البلدية في لبنان بشكل دوري كل ست سنوات، حيث...

سررت بتلبية دعوة أمين السر العام في الحزب التقدمي...