ما مدى دستورية التمديد لقائد الجيش؟ د. مرقص يجيب عبر “حدث أونلاين

قبل جلسة اللجان المشتركة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي ينتظر المراقبون أن تتحول جلسة عامة تناقش عدداً من البنود على رأسها التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون لفترة ينتظر ان تتراوح بين ستة أشهر وسنة، يتصاعد الجدل حول دستورية التمديد سواء كان بقانون عن مجلس النواب أو بمرسوم حكومي.

في هذا السياق، أكد رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الحقوقية د.بول مرقص أن “المادة /19/ من المرسوم الاشتراعي رقم /102/ لعام 1983 (قانون الدفاع الوطني) تنص على أنه:

“يعين قائد الجيش من بين الضباط العامين, المجازين بالاركان الذين لم يسبق ان وضعوا في الاحتياط بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني.

يحمل قائد الجيش رتبة عماد ويسمى “العماد قائد الجيش ” ويرتبط مباشرة بوزير الدفاع الوطني.”

ويضيف: “أما في ما يتعلّق بالسنّ القانوني للتسريح الحكميّ للعسكريين ومن بينهم قائد الجيش، فقد نصّت عليه المادّتان /56/ و/57/ من المرسوم الاشتراعي رقم /102/ لعام 1983 (قانون الدفاع الوطني)، حيث نصّت المادة /57/ منه على أنه:

” مع مراعاة أحكام المادة 55 من هذا المرسوم الاشتراعي يتم تسريح الرتباء والافراد بموجب قرار يصدر عن قائد الجيش، في الحالات التالية:

1- حكماً: عند بلوغهم حدّ السن القانونية وهي التالية:

أ- للرتباء: 48 سنة.

ب- للأفراد: 45 سنة.

2- استنسابيا: عند اكمالهم المدة القانونية التي توليهم حق الحصول على المعاش التقاعدي وهي ثماني عشر سنة…”

ولم يتناول المرسومان الاشتراعيان (/112/ و/102/) أي أحكام تتعلّق بتمديد سنّ التقاعد، مما يشير إلى ضرورة صدور تشريع يسمح بالتمديد، وهذه ليست المرّة الأولى التي يصدر فيها تشريع للتمديد، ففي عهد رئيس الجمهورية السابق إلياس الهراوي، أقرّ مجلس النواب القانون رقم 463/1995 يتعلّق “بتعديل سن التسريح الحكمي من الخدمة العائد لرتبة عماد في الجيش واجازة تمديد تعيين الموظفين الفنيين في ملاك المديرية العامة لرئاسة الجمهورية”.

ويلاحظ د.مرقص أنه “جاء في الأسباب الموجبة لهذا القانون ما حرفيّته: “نظراً لقرب إحالة العماد قائد الجيش على التقاعد عملاً بأحكام المادة 56 من قانون الدفاع الوطني. ونظرا لكون المدير العام رئيس الفرع الفني في ملاك المديرية العامة لرئاسة الجمهورية يبلغ السن القانونية بتاريخ 1996/6/30 وسيحال على التقاعد عملا بأحكام المادة 68 من نظام الموظفين اعتبارا من 1996/7/1.

وحيث أن المصلحة الوطنية العليا تقضي بالاخذ بعين الاعتبار دقة المرحلة على الصعيد الاقليمي، وضرورة الاستمرار في تدعيم ركائز الدولة لمواجهة التحديات المستقبلية. ونظرا لما لمؤسسة الجيش من اهمية كركيزة اساسية من تلك الركائز. وحيث ان المنهجية المتبعة على مستوى قيادة هذه المؤسسة اثبتت نجاحها بما يؤهلها للاستمرار في مواجهة اعباء المستقبل…”

ونصّت المادة الأولى منه على أنه:

“خلافاً لأحكام المادة 56 من المرسوم الاشتراعي الرقم 102 تاريخ 16/9/1983 وتعديلاته, لا سيما القانون الرقم 329 تاريخ 18/5/1994, يعدل ولمرة واحدة فقط سن التسريح الحكمي من الخدمة العائد لرتبة عماد بحيث يصبح 63 سنة بدلا من 60 سنة.

تطبق هذه الاحكام على الضباط في الخدمة الفعلية الذين يحملون رتبة عماد بتاريخ صدور هذا القانون”.

مما يشير إلى أن التمديد لم يشمل فقط العماد قائد الجيش الذي كان سيحال على التقاعد، بلّ شمل كلّ الضباط في الخدمة الفعلية الذين يحملون رتبة عماد، وعمل بهذا القانون لمرّة واحدة فقط.”

ويذكّر د.مرقص أنه “في عهد الرئيس عون عام 2021، صدر قانون يحمل الرقم /242/ أخرّ فيه تسريح عقداء في الجيش لحين بلوغهم سنّ الثامنة والخمسين، حيث نصّت المادة الأولى منه على ما يلي:

“خلافاً لأي نص آخر، وبصورة استثنائية يؤخر تسريح العقداء في الجيش والقوى الأمنية كافة الذين صدرت مراسيم بوضعهم على جدول الترقية اعتباراً من تاريخ 1/1/2020 أو الذين قيدت أسماؤهم لدى قيادة الجيش اللبناني في الفترة عينها وذلك لحين بلوغهم سن الثامنة والخمسين من عمرهم، وإعادة استدعاء من سرح من السادة العقداء منذ 1/1/2020 إلى الخدمة لبلوغه سن الستة وخمسين مع حفظ جميع حقوقهم المالية والمعنوية لحين إصدار مراسيم ترقيتهم حسب الأصول.”

ووفقًا لقرار المجلس الدستوري رقم ٢/٢٠١٧ والذي جاء بمعرض نصّه ما حرفيته “يجب أن تتوافر في القانون شروط التجرّد والعمومية وأن لا يكون شخصياً، على الرغم من تناوله فئة محددة من المواطنين”.”

اما عن جدلية تعيين قائد جديد للجيش من قبل حكومة تصريف الاعمال، فيؤكد د.مرقص أنه “جاء في قرارات مختلفة لمجلس شورى الدولة ولا سيما القرار رقم ٣٤٩/ ٢٠١٥، عن مدى انعكاس مدة ولاية حكومة تصريف الأعمال على مفهومها وصلاحياتها، وأكّد بأن” نظرية تصريف الأعمال هي نظرية مُعَدّة للتطبيق خلال فترة زمنية محدَّدة انتقالية يجب أن لا تتعدى الأسابيع أو حتى الأيام. وإنّ تمدُّدها لفترة أطول لا بدّ أن ينعكس على مفهومها برمّته حتى يستطيع تحقيق الهدف منها وهو تأمين استمرارية الدولة ومصالحها العامة ومصالح المواطنين”.

كما أنه وفقًا للمادة ٢١ من قانون الدفاع الوطني والتي تنصّ على أنه ينوب رئيس الاركان عن قائد الجيش في حال غيابه ويمارس مهامه وصلاحياته طيلة فترة غيابه. وهناك سابقة في عام ١٩٧٠ لذلك.

كما وتنصّ المادة 55 من قانون الدفاع الوطني على امكانية الذهاب الى تأجيل التسريح بحالتين:

الحالة الاولى: في وضع اعتلال لم يبت به.

الحالة الثانية: بناء على قرار وزير الدفاع الوطني المبني على اقتراح قائد الجيش, في حالات الحرب أو اعلان حالة الطوارىء أو اثناء عمليات حفظ الامن.

وبما أن البلاد على مشارف الحرب فإنه يمكن تفعيل هذه المادة.

وهناك سوابق حصلت مع العماد جان قهوجي في العام 2013 حين مدد له وزير الدفاع وقتذاك فايز غصن لغاية العام 2015، ثم مدد له وزير الدفاع سمير مقبل من 2015 حتى نهاية ايلول 2016.”

بناء على ما تقدم، يرى د.مرقص أن “الحلّ الأول وهو الأسلم يكمن بقانون يصدر عن مجلس النواب يعدّل السن القانوني لتسريح قائد الجيش والحل الثاني يكمن بلجوء وزير الدفاع إلى التمديد لقائد الجيش طالما أن البلاد في حالة “من الحرب” مع اسرائيل. وهذان الحلان لا يستقيمان طبعاً الا في حال موافقة قائد الجيش الرضائية حتى لا يمس هذا القانون بحقوقه المكتسبة الكامنة في ترك السلك العسكري والالتحاق بالحياة المدنية وربما السياسية مع بلوغه سن التقاعد كما هو محدد راهناً، وخصوصاً أنه يظهر من سلوكياته أنه لا يطلب، هو، شيئاً لنفسه، كالتمديد أو خلافه.”

في بلاد أصبح الدستور فيها وجهة نظر، والسياسة “غب الطلب”، لم يعد من المفاجئ صدور أي قانون أو مرسوم تحت ستار “المصلحة العليا للبلاد”، وهو مصطلح مطاط يبدأ بالدستور، وينتهي عند مصلحة المكونات السياسية اللبنانية على اختلافها. فهل تلتقي المتناقضات على التمديد للعماد عون؟

Subscribe

Related articles

Banking Challenges and Developments in Lebanon and the Middle East

Amid the profound economic transformations taking place in Lebanon...

قانونياً وأمنياً.. هل سيتمكن لبنان من إجراء الانتخابات البلدية في موعدها؟ 01-02-2025

تجرى الانتخابات البلدية في لبنان بشكل دوري كل ست سنوات، حيث...

سررت بتلبية دعوة أمين السر العام في الحزب التقدمي...