News Press

توقيف وليم نون بين الموقف العاطفي والعقلاني… “الديار” تكشف تفاصيل قانونية لأول مرّة |14-1-2023

لو كانت أرواح شهداء مرفأ بيروت تتكلم، لكانت صرخت وجعا وقهرا بوجه السلطة وأشباه رجالها الذين لم يكتفوا بمشهد تدمير عاصمة بأكملها، حتّى بدأوا وبكل “دم بارد”، بحرق ما تبقّى من أعصاب أهالي الضحايا.

فبعد سنتين على تفجير “ست الدنيا بيروت”، ما زلنا ننتظر “العدالة” التي باتت اليوم حلم كل مواطن لبناني فقد أحدا في يوم 4 آب المشؤوم. وبين فكرة أن معرفة الحقيقة في ملف بهذا الحجم باتت مستحيلة، وبين “خيط الأمل الرفيع” المتبقّى، يقف الأهالي في معركة يومية بوجه كل من يعرقل التحقيق.

اعتصام أهالي مرفأ بيروت ليس جديدا، إلا أن في هذه المرّة لم يمر المشهد كما اعتدنا عليه أن يمر، فيوم أمس وبعد توقيف وليم نون ، شقيق شهيد فوج الاطفاء جو نون، على خلفية قوله “بدنا نفجّر العدلية”، انفجر الشارع غضبا، مطالبا بالافراج عنه.

فلم تكن ليلة عادية، حيث أمضت زينة نون، والدة وليم ليلتها في الشارع، مشددة على أنها ستبقى حتى اطلاق صراحه.

ومن هنا، انقسمت الآراء بين كل من عارض توقيف وليم نون على الرغم من قوله عبارة “بدنا نفجّر العدلية”، ومن تمسّك بالقانون واستشهد به.

والسؤال الذي يطرح هنا هو هل يعقل توقيف شقيق أحد الضحايا، بعد أن قام بردة فعل على الفعل؟

من المعروف عن وليم نون أنه شخصا عفويا ينطق بما يفكر به، نتيجة حجم الحزن الذي يعيشه بعد أن دفن شقيقه جو “مرتين”، نتيجة “غلطة” في فحص الDNA الذي أقيم لمعرفة “هوية أصحاب الأشلاء” وتسليمهم لأهاليهم.

فليس فقط المقربون منه يعرفون أنه ليس إرهابيا ولا يملك الأسحلة ولا الـdynamite””، فهو بكل اعتصام للأهالي يقوم بالتهديد ولا ينفّذ، وتأتي هذه التهديدات نتيجة “حرقة قلبه”. هذا، بالاضافة الى أن الأجهزة الأمنية قامت بتفتيش منزله القائم في مشمش أكثر من مرة، ولم تجد أي أسلحة غير شرعية أو أي شيء يدعو للشكوك بأمره.

ففي موقعه، يجب أن يكون “معذور” ولو مهما كانت تصاريحه عالية السقف، فلو كان فعلا مجرما لكان نفّذ كل التهديدات التي كان يقولها منذ تفجير مرفأ بيروت لليوم.

واستنادا الى تقارير من وجهة نظر علم النفس، إن رد الفعل المباشر يحدث بشكل فوري على الموقف الذي يتعرض له الشخص (ما يؤكد “تصريح” وليم نون الذي جاء خلال الاحتكاك بين الأهالي والأجهزة الأمنية يوم الاعتصام أمام قصر العدل)، وغالبا ما يتميّز رد الفعل هذا بالعاطفة التي تغلب على الشخص وعدم التفكير قبل القيام برد الفعل. وتؤكد تقارير علم التفس أن الشخص يصل في معظم الأحيان الى فقدان الأعصاب أو قول كلام يدعو للندم بعد ذلك.

ولهذا السبب، تواجد عددا كبيرا من المواطنين في الشارع تضامنا مع وليم نون والمطالبة بإطلاق سراحه.

ومن جهة أخرى، الهدف ليس أن نقلل من حجم تصريح وليم نون أو أن نقف بوجه الأجهزة الأمنية التي تقوم بدورها في حماية السلم الأهلي وحماية الأمن، فعلى الرغم من أن تصريح نون جاء كردّة فعل، وبالرغم من أن هذا الأخير لا يملك الامكانيات بالتأثير على الأمن أو ضربه، ، تطرح فرضية مفادها أننا اذا أردنا “غض النظر” عن تصريحات نون من دون التحقيق معه أو تحذيره من أن هذه الأقوال قد تؤدي الى انفجار اجتماعي، قد “يفلت الملئ”، ويصبح تهديد الادارات الحكومية أمر عادي.

فالرأي العام واقع هنا بين “شاقوفين”، شقوف موقف التضامن مع وليم نون الذي يغلب عليه العامل العاطفي، والشقوف العقلاني الذي يتمسك بالقانون لمنع التهديدات والتصريحات العشوائية.

وفي هذا الاطار، كشف نقيب المحامين ناضر كسبار، في حديث خاص لموقع “الديار”، “أنني دعوت مجلس نقابة المحامين لاجتماع طارئ لنبحث في موضوع “توقيف” وليم نون، وأعتقد أن طريقة التوقيف لم يستند عليها قانونيا”.

وأوضح كسبار أن “وليم نون موقوف على ذمّة بحث وتحري، وبعد مدّة معيّنة إما يتم الادعاء عليه وإما يتم “تركه”، مشددا على أن المصطلح الأصح قانونيا هو “تركه” وليس “إطلاق سراحه”.

وتابع: “رأي الشخصي هو أن تصريح وليم لا يستوجب التوقيف، لا إنسانيا ولا إجتماعيا. فهذا التصريح “يبقى كلام” ولو نفّذ أي فعل أو أوحى أنه قد ينفّد كان غير كلام. وكنت أفضّل لو لم تحصل هذه الخطوة القضائية، وبالأخص مع وليم كونه شقيق أحد ضحايا الانفجار”.

وفي الاطار نفسه، اعتبر المحامي شكري حداد المطّلع على ملف انفجار مرفأ بيروت، أن “هناك اشكاليات عديدة تطرح في موضوع التوقيف، منها أنه حصل اتفاق حضور وليم نون وعددا من أهالي مرفأ بيروت يوم الاثنين إلى التحقيق أمام قصر العدل نتيجة تحركاتهم الأخيرة، الا أن القضاء خالف هذا الأمر وتقدّموا ببلاغ بحث وتحرّي.”

ورأى حداد، في حديث خاص مع موقع الديار، أن “هذه الاشارة باستدعاء نون مخالفة للقانون والمبادئ القانونية، ويجب التوقف عندها. ونحن في انتظار القرار النهائي بتركه الا أنهم ما زالوا يحاولون تمديد فترة التحقيق ونحن نرفض هذا التصرف الذي يعد إجراء تعسّفي!”.

وشدد المحامي شكري حداد على “أنه لا يجب على أي قاض أن يستغل القانون بل أن يطبقه بشكل “أصولي”، وما يحصل اليوم هو استغلال وليس تطبيق ويعتبر استعمال نفوذ لمصالح شخصية او سياسية ونحن نرفض هذا الأمر رفض نهائي!”.

وبدوره، اعتبر رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي بول مرقص، أن “التصريحات التي أدلى بها وليام نون منذ بضعة أيام بما يتعلق بتفجير قصر العدل بالديناميت، نن شأنها أن تحرك الإجراءات القضائية ضده “في ظل الظروف العادية”. لكن في ظل الظروف الاستثنائية الحالية، حيث العدالة معطلة، وملف تفجير مرفأ بيروت متوقف تماماً، فيصبح ذلك غير منطقي.

فهل يمكننا تطبيق القانون في هذا الملف وعدم تطبيقه في الملف الرئيسي وهو انفجار المرفأ؟ أخشى أن يكون هناك من يوظّف ملف وليم نون لغايات سياسية أو للتأثير في مسارات قضائية أخرى او موازية. التركيز يجب أن يعود إلى الملف الأساسي وهو تفجير المرفأ.”

وأضاف: “ليس من الممكن إعمال الاجراءات بحق وليم نون بدعوى تطبيق القانون وفي الوقت عينه تعليق تنفيذ الاجراءات بحق سواه لاسباب سياسية، فإما  ان تكون العدالة على الجميع عملا بقاعدة “العدل اساس الملك” المرفوعة على قصر العدل أو لا تكون”.

Source
addiyar
Show More

Related Articles

Back to top button
Close