News Press

بين التشريع والانتخاب: ما مصير مجلس النواب والحكومة؟ وهل من انتقال للصلاحيات في حال الفراغ الرئاسي؟ 30 أيلول 2022

مارس رئيس المجلس النيابي نبيه برّي حقه الدستوري بدعوة مجلس النواب الخميس إلى جلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية. جلسة إنتخاب رئيس من دون رئيس فقدت النصاب في الدورة الثانية ورفع الرئيس بري الجلسة إلى وقتٍ غير محدد، مشدداّ على التوافق لإنقاذ لبنان والدعوة لجلسة ثانية وإلا لكل حادث حديث. فما هو دور المجلس النيابي بعد الجلسة الأولى لإنتخاب رئيس للجمهورية؟ وهل يصبح حكماً هييئة إنتخابية أم هيئة إشتراعية تسطيع منح الثقة لحكومة وتمرير الجلسات التشريعية؟

المجلس النيابي أصبح هيئة انتخابية لا تشريعية 

في حديث خاص لموقع “الديار” كشف المحامي المتخصص في الإستئناف ومدير مكتب “جوستيسيا” للمحاماة بول مرقص أن “المادة 77 من الدستور اللبناني تنص على إن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس للجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر. هذه المادة هي التي ترعى عملية تحوّل مجلس النواب إلى هيئة ناخبة لا هيئة إشتراعية في النص الدستوري، إنما المجلس الملتئم الذي إجتمع، اي في المحصلة أن المجلس النيابي يعتبر هيئة ناخبة فقط بعد إلتئامه”.

فما هو الإجتهاد الذي قد يطرأ في هذه الحالة؟

أكّد مرقص أنه “إذا رغب رئيس المجلس نبيه بري أن يمرر تشريعا مثل “منح الثقة للحكومة”، علماً ان الحكومة وبحسب الدستور لا يمكن تشكيلها بعد إنعقاد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية، فإنه يستطيع أن يدعو إلى دورة إنتخابية محض ويرفع الجلسة ومن ثم يدعو إلى دورة إشتراعية أو “دورة منح ثقة”. (مثال: الممارسة الدستورية الفرنسية في الجمهورية الرابعة الفرنسية في خمسينيات القرن الماضي، حصل عدة دورات إنتخابية متلاحقة مباشرة حتى إنتخاب رئيس للجمهورية)، وهذا الأمر غير محبذ، لأنه لا يتناسب مع القواعد الدستورية والمبادئ العامة التي تلزم بالإكمال والمضي والمثابرة حتى إنتخاب الرئيس”.

أمل ميقاتي برئاسة الحكومة الجديدة لم يبدد بعد

وأضاف أنه “إذا اجتمع المجلس النيابي لإنتخاب رئيس للجمهورية، وتحول المجلس لهيئة ناخبة ولم ينتخب رئيساً، يمكن لرئيس مجلس النواب نبيه بري تقنياً أن يدعو لاحقاً لجلسة ثقة للحكومة، لكن هذا ليس محبذاً لأنني مع توالي الدورات الانتخابية دون انقطاع حتى انتخاب رئيس، ورغم أن الدستور اللبناني لا يميّز بين المواطنين لتولّي المناصب، إلا أن النظام السياسي المتبّع منذ عقود يقضي بتقاسم السلطات والمناصب العليا وفقاً للانتماءات الدينية والطائفية، وبناءً على ذلك، يكون رئيس الجمهورية مسيحياً مارونياً، ورئيس البرلمان شيعياً، ورئيس الحكومة سُنياً، ويمتد العرف إلى مناصب أخرى كأن يكون قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان مارونيين….”.

وأردف قائلاُ أنه “بحسب الدستور، يُنتخب الرئيس بالاقتراع السرّي بغالبية ثلثَي أعضاء مجلس النواب في الدورة الأولى، بينما تكفي الغالبية المطلقة (النصف+1) لانتخابه في دورات الاقتراع التي تلي ذلك، لا لزوم لأي مرشح أن يعلن ترشحه للرئاسة، وإنما يجب على المنتخَب أن يكون متمتعاً بالشروط التي تؤهله للنيابة بما فيه شرط الجنسية”.

الأمر متوقف على موعد انتخاب الرئيس

وقال إنه “من حيث المبدأ يمكن، حتى اليوم الأخير من الولاية الرئاسية، إصدار مرسوم تشكيل الحكومة وسائر المراسيم الضرورية التي تتزامن معه، طالما لم تنته الولاية، وذلك في حال الاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على تشكيلها وبصرف النظر عما تستغرقه فترة إعداد البيان الوزاري ونيل الثقة النيابية ولو كانت انتهت الولاية الرئاسية، لو تشكلت الحكومة وصدرت المراسيم خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر تشرين الأول، والتي يتحوّل فيها مجلس النواب الى هيئة ناخبة مهمتها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في هذه الحالة تكون جلسة الثقة بعد الانتخاب، إذا وقع الانتخاب في خلال الأيام العشرة الأخيرة لانتهاء الولاية الرئاسية.”

وشدد مرقص على أنّ “المرشح التقليدي بحاجة إلى صفقة سياسية ما وتسوية كي يحصل على الأصوات اللازمة لوصوله إلى كرسي الرئاسة”. ان “كلمة “غالبية” الواردة في هذه المادة لا تعني النصاب حرفياً، بل فقط بعدد الذين يقترعون فعلاً في الجلسة. إنه يكفي في الأحوال العادية ليكون الاجتماع قانونياً، أن يضم نصاب الجلسات العادية المنصوص عليه في المادة 34 من الدستور، أي الغالبية المطلقة من مجموع أعضاء النواب، الا أن ثمة ممارسة درجت على أن نصاب الثلثين هو المطلوب. ومن أهم رواد هذه النظرية الأخيرة، العلامة الدكتور إدمون رباط، لكن برأيي ان فلسفة النصاب إلى “منع تفرّد قلّة قليلة من أعضاء الهيئة الناخبة بانعقاد الجلسات، خوفاً من تعسّف الأقلية وليس تحكّم الأكثرية”.

ثغرة دستورية قد تسبب فراغا رئاسيا

وتابع “يجب احترام الغاية التي يستهدفها التشريع، أي المادة 49 من الدستور، وهي الإنتخاب وليس عدم الإنتخاب، فالنصاب ينطوي على تنظيم الإنتخاب ولا يرمي إلى إعاقتها، ولذلك، يحتمل التفسير الإيجابي الموسّع لصالح إجراء الإنتخاب والمشاركة، فالنصاب لا يمكن أن يتّخذ مطلقاً كحائل قانوني دون الإنتخاب. وقد ثبت من خلال التجربة، لا سيّما في مناسبة الإنتخابات الأخيرة لرئيس الجمهورية، وما حصل أمس، أن عدداً من النواب يستفيدون من غياب النص الصريح في المادة 49 من الدستور اللبناني المتعلّقة بانتخاب رئيس الجمهورية، حيث اكتفى المشرِّع الدستوري بذكر الغالبية، إفتراضاً منه أن لا حاجة لفرض النصاب على اعتبار أن الإنتخاب سلطة واجبة الممارسة من النواب، ولما كان عدد من النواب قد توخی استخدام تعطیل النصاب، كوسيلةٍ للتعبير السياسي وللتعبير عن خياراته الإنتخابية عوض اللجوء إلى التعبير عن خياراته السياسية والإنتخابية في الموقع الصحيح، عبر الأكثرية، فقد أسفر عن تعطيل التئام المجلس مع مخاطر خلو سدة الرئاسة”.

هل تتأثر صلاحيات الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي بعد إنعقاد جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية؟

أكّد مرقص بأن “الصلاحيات لا تتأثر بعد إنعقاد المجلس النيابي خصوصاً إن لم يفلح في الإنتخاب وبالتالي الصلاحيات لا زالت نفسها أي صلاحيات تصريف أعمال بالحد الأدنى كما نص عليه الدستور”.

في حالة الفراغ الرئاسي، هل تستطيع حكومة تصريف الأعمال أن تحصل على صلاحيات رئيس الجمهورية؟

قال مرقص أنه “من المؤكد أن تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى الحكومة إلى مجلس الوزراء وكالة بصرف النظر إذا كانت حكومة تصريف أعمال ولا يجوز لها ان تتوسع في ممارسة صلاحيات الرئيس لأن المادة 62 نظمت موضوع إنتقال الصلاحيات ولم ترتقب حصول الفراغ بسبب عدم الإنتخاب إنما جاءت لتنظم وضعاً طارئاً ولا يجوز أن يستمر طويلاً”.
Source
addiyar.com
Show More

Related Articles

Back to top button
Close