JUSTICIA Foundation

هل يمكن للبنان رفض تدخل القضاة الأوروبيين؟ د.مرقص يجيب عبر “حدث أونلاين” | 7-1-2023

انشغل الوسط السياسي والقضائي في لبنان بخبر وصول وفد من القضاة الأوروبيين إلى بيروت، للتحقيق مع شخصيات مالية ومصرفية في مقدمتها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

ومع إقرار اللبنانيين جميعاً بمبدأ ضرورة مكافحة الفساد، إلا أن أسئلة بدأت توجه إلى هذه المهمة من زاوية التفريط بسيادة الدولة، والاعتراف، ضمناً أو صراحة، بعجز القضاء اللبناني، خاصة بعد التغريدة “الملتبسة” للرئيس ميشال عون أمس.

بعيداً عن السياسة، ومن وجهة نظر قضائية محضة، يرى رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الحقوقية، المحامي د.بول مرقص أنه “رغم إقرارنا المطلق بضرورة مكافحة الفساد وتفعيل التحقيقات القضائية عموماً، بسبب الفساد المتفشي، إلا أن ثمّة تعاوناً لإجراء التحقيقات القضائية عندما يكون الأمر بين دولتين أو أكثر مع مراعاة المرتكزات الأساسية لسيادة الدولة في القانون المحلي التي يجب احترامها. وهذا ما يتوافق مع أحكام المادة /49/ من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003، والموقّعة من قبل لبنان عام 2009، التي تحثّ الدول الأطراف على توقيع إتفاقيات ثنائية ومراعاة مبدأ السيادة المحليّة.”

وتابع مرقص: “ورغم التشجيع على توقيع ما تقدّم من اتفاقيات، ففي حال رغبت دولة أجنبية طرف في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، في إجراء تحقيقات و/أو استجوابات في لبنان، يتوجب عليها أن تطلب ذلك عبر السلطات اللبنانية المختصة وفق آلية الطلب المحددة في المادة /46/ من الإتفاقية عينها، وهي النيابة العامة التمييزية. ومن السوابق على ذلك قضية رجل الأعمال كارلوس غصن الذي استجوبه القضاء الفرنسي في لبنان وسواها من القضايا كقضية ساركوزي والأموال الافريقية وغيرها من القضايا.”

وأشار مرقص إلى أنه “يبقى للدولة متلقية الطلب حق رفض تقديم المساعدة القانونية المتبادلة إذا لم يقدم الطلب وفقاً للأصول المفروضة أو إذا رأت الدولة الطرف متلقية الطلب أن تنفيذ هذا الطلب قد يمس بسيادتها أو أمنها أو نظامها العام أو مصالحها الأساسية الأخرى، استناداً إلى الفقرة 21 من المادة 46 عينها.

مع الإشارة إلى أنه لو تعلّق الأمر بدول داخل الاتحاد الأوروبي، لكان جاز للقضاة الأوروبيين التحقيق مباشرة في دول الاتحاد وفقًا للأحكام التوجيهية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي عام ٢٠١٤ في ما خص التحقيق الأوروبي في المسائل الجنائية”، ذلك دون اتباع هذه الإجراءات المسبقة حسب الاتفاقية الدولية المذكورة.”

لبنانياً، يشير مرقص إلى أن “الدستور اللبناني يكرّس في مقدمته مبدأ سيادة الدولة اللبنانية “Principe de souverainte de l’etat”كذلك قانون العقوبات اللبناني بحيث لا تخضع الدولة لأي سلطان الا في ما تتّفق عليه من تعاون قضائي مع دولة أو دول أخرى، كما بالنسبة لاتفاقية الأمم المتحدة ١٨٦ لمكافحة الفساد، والتي رغم أنها تنص على مبدأ احترام السيادة القانونية لكل دولة إلا أنها في موادها الأخيرة تنص على إجراءات تعاون قضائي برضى الدول الموقعة من شأنها أن تجيز الاستجواب. علماً أن لبنان كان قد وافق على مباشرة التعاون هذا، منذ بضع سنين قبل أن تبلغ الوفود القضائية الأوروبية عزمها المجيء بذاتها إلى لبنان.”

في المحصلة، فإن عالم اليوم لا يلتفت كثيراً إلى مبدأ “سيادة الدول”، خصوصاً عندما تتكلم المصالح. فهل ينجح الأوروبيون حيث فشل غيرهم؟

Exit mobile version