JUSTICIA Foundation

هل ولى العصر الذهبي للسرية المصرفية في لبنان ؟

مرقص للديار :القانون المرسل الى المجلس النيابي
يحمل تناقضات كثيرة وغموضا وتوسعا في خرق الحرية

اعتمد لبنان قانون السرية المصرفية اعتباراً من العام 1956 وكان الهدف منه جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، ودعم الثقة بالاقتصاد القومي وبالجهاز المصرفي، وتشجيع الاستثمار المحلي والاجنبي. ومع اعتماد قوانين حفظ السرية الشبيهة بتلك المطبقة في سويسرا، تحول لبنان في فترتي الستينيات والسبعينيات الى مركز مالي للشرق الأوسط، وعاش القطاع المصرفي حال ازدهار ونموّ غير مسبوقة.

حالياً يتجه لبنان إلى التخلي قريباً عن نظام “السرية المصرفية” الذي يعتمده منذ ستة عقود ونيف، من ضمن التماهي مع المتطلبات التي تم التوافق على التزامها من قبل السلطات التنفيذية والتشريعية، توطئة لتحويل صيغة الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي إلى اتفاقية برنامج تمويلي بقيمة 3 مليارات دولار على مدى 4 سنوات.

‎ ولهذا الغرض أقر مجلس الوزراء مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون السرية المصرفية، وتعديل بعض المواد المرتبطة به في قانون النقد والتسليف، وقانون الإجراءات الضريبية، وقانون أصول المحاكمات الجزائية، واحالت لجنة المال والموازنة في مجلس النواب مشروع الحكومة لقانون السرية المصرفية على لجنة فرعية برئاسة النائب ابراهيم كنعان لانجازه ضمن مهلة عشرة ايام تمهيداً لعرضه على الهيئة العامة.

في هذا الاطار حذر رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية وأستاذ القانون المصرفي في جامعة القديس يوسف الدكتور بول مرقص في حديث الى الديار من الغاء السرية المصرفية بحجة مكافحة التهرب الضريبي معتبراً ان هذا الأمر يكشف الناس دون معايير في بيئة من الفساد ودون ضمانات دولة الحقوق لا سيما التشريعات لحماية الخصوصية وحقوق الدفاع ودعا لرفض المشروع لأن لبنان ليس اوروبا.

ورأى مرقص ان مشروع القانون المرسل من الحكومة الى مجلس النواب يحمل تناقضات كثيرة وغموضاً في مضامينه وتوسعاً في خرق الحريات الشخصية بذريعة مكافحة التهرب الضريبي متناسياً في احيان كثيرة فيه مضمون القانون ٤٤ على ٢٠١٥ رغم اشارته اليه في بعض الاحكام مشيراً ان لدينا قانون كافٍ لهذه الناحية ولا حاجة للاطاحة بالسرية المصرفية نهائياً في ظل عدم وجود المزايا التفاضلية والضمانات الحقوقية اللازمة، وشدد مرقص على ضرورة افهام وفد صندوق النقد الدولي هذه الميزة التي يتسم بها لبنان في محيطه العربي والخليجي حيث تطغى الدكتاتوريات واجهزة المخابرات العسكرية على معظم الدول المحيطة والمجاورة بحيث ان السرية المصرفية هي ملجأ لاصحاب الاموال النظيفة وليست فقط لحماية اموال الفساد وتبييض الاموال التي تم التصدي لها من خلال القانون ٤٤ على ٢٠١٥ المتعلق بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب واشار مرقص انه لا حاجة لمزيد من القضاء على ما تبقى من السرية المصرفية في ظل التوفيق بينها وبين مقتضيات مكافحة تبييض الاموال و مكافحة التهرب الضريبي.

كما اعتبر مرقص ان النص المقترح ترجمة رديئة للافكار المطروحة وللصيغ المرسلة من قبل صندوق النقد الدولي مشيراً ان واضعيه باللغة العربية لم يتكبدوا التدقيق في التعابير والمفاهيم التي لا تأتلف مع النظام القانوني اللبناني وتقضي على ما تبقى من ميزات النظام المصرفي اللبناني وتكشف اللبنانيين دون معايير ولا وسائل تظلم تتصدى للتعسف بل تعتمد الى الابتزاز الذي يمكن ان ينتج عن مثل هكذا قانون من قبل بعض الفاسدين في الأمن والإدارة والقضاء.

وقال لا نعمم ولا نظلم لكن هذه هي الطبيعة البشرية التي يجب موازنتها بوضع معايير ناظمة لكيفية وضع استثناءات على السرية المصرفية، وشدد مرقص على ان رفع السرية المصرفية لا يخدم لبنان ولا المودع اللبناني ولا العربي ويؤدي الى احجام رؤوس الاموال عن التوجه مجدداً الى لبنان بسبب انعدام الثقة مع هذا المشروع المقترح ، مشددا على اهمية استعادة الثقة بالبلد عبر قوانين تتناسب مع طبيعة نظام لبنان.

Exit mobile version