News Press

بين الدستور والسياسة حكومة جديدة أو تصريف أعمال بـ”ضرورات تبيح المحظورات”؟

May 18, 2022 4:31 PM

بين الدستور والسياسة حكومة جديدة أو تصريف أعمال بـ”ضرورات تبيح المحظورات”؟

المركزية –  لا أكثرية ولا أقلية… هذا هو شكل البرلمان الجديد الذي سيرسم خريطة لبنان السياسية. كيف؟ التركيبة معقدة إلى درجة تجعل منه أرضًا خصبة للمواجهة والتعطيل باعتراف كل القوى التي ستدخل كتلها المجلس. لكن  في قراءة متأنية وبعيدة من أجواء التشنج على خلفية الأزمات المعيشية التي تظهرت بعد صدور النتائج، تشير مصادر إلى أن هذه التركيبة تتيح نقل لبنان إلى ما يشبه مرحلة الإنفراج في ما لو تحلت الكتل النيابية بالواقعية وتحررت من الخطاب المتشنج الذي كان من أساس عدة شغل المعركة الإنتخابية. والثابت أن الإنفراج المرتقب يتجلى بحكومة يشارك فيها الجميع لوضع البلاد على سكة التعافي السياسي والاقتصادي، لأنّ استمرارها في ما هي عليه سيؤدي الى الانهيار الشامل.

مشهد إيجابي وتفاؤلي. لكن ماذا لو تعذر تأليف حكومة جديدة؟ في السياسة السيناريوهات أكثر تعقيدا من تركيبة المجلس الجديد إذ يرى مراقبون أن الحلول تبدأ من استمرار حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في تصريف الاعمال ولا شيء يمنعها من ذلك دستوريا طالما أنه أعطاها الصلاحية في تصريف الأعمال لكن من دون أن يحدد هامش أعمالها أو أين تبدأ وأين تنتهي صلاحيات “تصريف الأعمال”. وإلا يجري العمل على قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات”. الإستثناء الوحيد المتفق عليه أن المجلس الجديد لا يمكنه منح حكومة تصريف الأعمال الثقة كونها تشكلت في عهد المجلس السابق لكن يمكنها إنجاز المهام التي بدأت بها ومنها مثلا المفاوضات مع صندوق النقد.

الخبير الدستوري ورئيس مؤسسة JUSTICIA المحامي الدكتور بول مرقص يوضح عبر “المركزية” مسار هذه العملية ويقول: “ليس هناك من مهلة محددة لتصريف الأعمال لكن عندما اشترط المشترع الدستوري المعنى الضيق لتصريف الأعمال أراد حث المعنيين بتشكيل الحكومة على الإسراع فيها، حيث سبق أن وصلت إلى نحو ١١ شهرا من التعطيل الحكومي. وبالتالي كلما طالت فترة تصريف أعمال الحكومة الحالية، اتسع هذا المفهوم الضيق بحسب النص الدستوري. أضف إلى ذلك أن الظروف الحالية إستثنائية وحرجة جداً مما يقضي باتخاذ قرارات جريئة وضرورية توسع مفهوم تصريف الأعمال إضافة إلى إطالة فترة التشكيل“.

إذا دستوريا ليس ما يمنع الحكومة الحالية من تصريف أعمالها وإستكمال الملفات التي كانت وضعتها على جدول أعمال مجلس الوزراء ومنها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من دون التوقيع. وفي هذا السياق يوضح مرقص “يمكن لحكومة تصريف الأعمال إجراء مفاوضات لكن لا يمكنها أن تلتزم أو أن تلقي أية أعباء على الحكومة القادمة كان يمكن تفاديها وانتظار تشكيل الأخيرة”.

ويضيف: “سبق لحكومات ما بعد الطائف أن مارست تصريف الأعمال ووسعت من إطارها الضيق هذا من دون أن نتطرق إلى أمثلة عن حكومات تصريف الأعمال ما قبل الطائف وقبل أن يضيق النص إلى أقصى الحدود. مثال على ذلك ،عندما أقرت الحكومة مشروع الموازنة وزادت من ملاك عديد القضاة في أواسط السبعينات” .

سبحة حكومات تصريف الأعمال “كرت” في السنوات الأخيرة. فبين عامي 1989 و 2005، كان متوسط الفترة التي يستغرقها تشكيل حكومة جديدة ستة أيّام، في حين ارتفعت هذه الفترة بين العامين 2005 و 2016 إلى 100 يوم، حتّى أنّها وصلت إلى سنة كاملة في الآونة الأخيرة. فحكومة تمّام سلام (2014) استغرقت فترة تشكيلها 315 يومًا، في حين ترأّس حسّان دياب حكومة تصريف أعمال لفترة دامت أكثر من عام (من آب 2020 حتى أيلول 2021 ).

دستوريا وتحت “وطأة” الظروف يمكن للحكومة أن توسع نطاق تصريف الاعمال ومع ذلك يمكن لرئيس حكومة تصريف الأعمال أن يرفض دعوة رئيس الجمهورية لعقد اجتماع وزاري خاص لبحث أزمة معيشية طارئة وملحة بحجة أنها تخرج عن إطار الواجبات الدستورية. وهذا ما حصل مثلا في حكومة حسان دياب في  13 آب 2021 عندما رفض طلب الرئيس ميشال عون عقد اجتماع وزاري خاص لبحث أزمة الوقود في البلاد التزاما بنص المادة 64 من الدستور التي تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال وبذريعة أن الحكومة مستقيلة منذ 10 آب 2020.

إلا أن استحقاقات المجلس الجديد لا تتوقف على تشكيل حكومة فانتخاب رئيس للجمهورية أولوية. وفي حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت، كانتهاء الولاية الرئاسية الراهنة، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء (وليس بالحكومة)، ما يعني ان المشرّع الدستوري يقصد حكومة عاملة بمفهوم السلطة الاجرائية الحائزة ثقة مجلس النواب. هذا في الدستور أما في السياسة فقد تفعل هذه الحكومة ما لم تفعله حكومات السلف إذا لم يتمكن المجلس الجديد من الحد من قبضة كتل قوى الأمر الواقع وإلا… إلى الفراغ در!.

Source
almarkazia.com
Show More

Related Articles

Back to top button
Close