JUSTICIA Foundation

هل يستطيع الإتحاد الأوروبي مكافحة الفساد في لبنان؟20 أكتوبر 2022

‌ لطالما سمعنا أن الاتحاد الأوروبي يعمل على إعداد مقترحات قد تسفر عن تجميد أصول وفرض حظر سفر على ساسة لبنانيين بسبب أدائهم، إلا أن ذلك لم يحصل حتى اليوم.
 
صحيح أن الإتحاد يلعب دورًا في الحياة اللبنانية، وهو جزء من الاجماع الدولي حول آلية الحل للملف، لكنه أيضًا كثيرًأ ما ضخّ أموالاً من أجل مشاريع في لبنان، من دون أن تحقق أهدافها، لا بل اتّسمت بشبهات فساد وهدر.
يقول الصحافي البريطاني مارتن جاي، إن “الإتحاد الأوروبي يضخ ملايين الدولارات في مخططات بيئية دون أدنى اهتمام بكيفية إنفاق الأموال، مما يشجع الشركات الكبرى والمسؤولين العموميين بشكل فعال على الإستفادة من الأموال السهلة المتاحة”.

أبشع عملية فساد

يُعتبر صاحب مبادرة “جمهورية لبنان الثالثة” عمر حرفوش من القلائل الذين كثفوا نشاطاتهم وأعمالهم بعد الانتخابات النيابية التي جرت في أيار/مايو، وواصل السعي لتحقيق مشروعه الذي يتمثّل ببناء الجمهورية اللبنانية الثالثة ومحاربة الفساد وكشف المتورطين في سرقة المال العام.
وفي هذا السياق، تحدث حرفوش عن أبشع عملية حيكت ضده وضد أهم مشروع بيئي في مدينة طرابلس، قائلا: “زار وفد من مجلس الشيوخ الفرنسي معمل لتكرير النفايات في طرابلس، وتفاجأ يومها الحضور بالمنظر المقزز وتساءل: هل من المعقول أي يكون الإتحاد الأوروبي هو من موّل هذا المشروع؟ وزرنا بعدها جميع نواب المنطقة وطلب رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري من النائبة السابقة ديما جمالي أن تهتم بهذا الوفد .
وتابع حرفوش: “وبعد المشاهدة العينية التي أجراها الوفد داخل المعمل أصدر تقريرًا وطالب بمساعدة طرابلس عبر إشراك الأمم المتحدة في هذا المشروع، واتفقتُ مع مجلس الشيوخ على إجراء مؤتمر عن بيئة طرابلس، وترأسه وقتها نائب أمين عام الأمم المتحدة، وبالفعل حصل الأمر ودعيت شخصيات عدة من لبنان وتحديدا من طرابلس فضلا عن خبراء بيئيين”.
وأضاف: “وبعد فترة وجيزة، عقدت مؤتمرًا للرد على اللقاء الذي سبقه في البرلمان اللبناني بمشاركة خبراء فرنسيين وإيطاليين وألمانيين وغيرهم، وعقدنا جلسة بالمجلس النيابي في بيروت لأول مرة في لبنان عن البيئة وتحديدا عن مدينة طرابلس بمشاركة جميع فعاليات المنطقة، من رؤساء بلديات ومخاتير وأحزاب وغيرهم ونجح فعلا المؤتمر، “بعدها قمنا بزيارة رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد لحريري رئيس الوزراء وقتها والذي طالب مشاركة أحد الخبراء البيئيين المعتمدين عند رئاسة الوزراء في هذا المشروع فضلا عن ديما جمالي”.
وبيّن حرفوش قائلا: “وبعد صولات وجولات بين فرنسا ولبنان وإجراء العديد من الدراسات مع خبراء أجانب، إتُفق أخيرًا على إنشاء هذا المعمل لنتفاجأ بعد فترة وجيزة بمؤامرة مدروسة بشكل مخيف ضدي وضد المشروع، وبعد حضور لجان متخصصة للبحث في هذا المشروع، واجتماعنا معهم حصل جدال بين معترضين على تنفيذه، ليتبين لاحقا أنهم تابعون للرئيس نجيب ميقاتي الذي اتصل بي بعد حين وبدأ بالتهديد والوعيد رفضًا لهذا المشروع”.
وأشار حرفوش، إلى أنه وبعد فترة عاود الإتصال كي نلتقي وقال لي حينها انه يشجّع المشروع ويرحّب بأي مبادرة إنقاذية لطرابلس”، وبعد يومين عمّت التظاهرات أمام بلدية طرابلس من قبل المعترضين على المشروع وتبّين أنه نسف قبل ولادته”. بعدها نُشر تحقيق صحافي واسع قال إن هناك شك بتواطؤ الممثلة العليا للشؤون السياسية والخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني مع سعد الحريري وميقاتي بخصوص شكوك بالهدر .
وفي الإطار، لفت حرفوش إلى أنه دعا إلى عقد مؤتمر عن لبنان في الإتحاد الأوروبي دعا إليه النائبة بولا يعقوبيان كونها كانت تطالب باستعادة الأموال المنهوبة وغيرها من الشخصيات، فضلا عن نواب أوروبيين، بعدها ألغت حضورها قبل يومين من إنعقاد المؤتمر مع العلم أنها كانت متحمسة لحضوره وتفاجأت حينها بعدم حضور أي شخصية لبنانية”.
وتابع: “وقتها أَعلنت الجمهورية اللبنانية الثالثة، وطالبت الإتحاد الأوروبي وقف جميع الهبات المقدمة إلى لبنان بدون تدقيق، فضلا عن إجراء تحقيق شفّاف لمعرفة مصير الأموال المرسلة إلى لبنان خلال الخمس سنوات الماضية”.
وأضاف حرفوش: “وخلال متابعتي للقضية، اكتشفت أن بعض الأموال التي أرسلت إلى معمل طرابلس نهبت، واكتشفت أيضًا أن مستشارة نجيب ميقاتي البيئية لها علاقة بما جرى وبدأتُ على الفيسبوك بنشر جميع الفضائح المتعلقة بهذا الموضوع، واكتشفنا ان حوالي مليار دولار مخصصة للاجئين السوريين نهبت بدورها، وبدأنا التحقيق بالموضوع لنكتشف أن المبالغ الكبيرة تحولت الى غسيل دماء لشباب طرابلس عبر تجيشهم للإنضمام في صفوف الإرهابيين مقابل مبلغ مالية، وأرسلوا الى سوريا لمحاربة النظام السوري، ونُهبت الأموال لشراء الأسلحة والقذائف وغيرها من المعدات الحربية”.
وقال حرفوش: “حينها، بدأت بحملة كاملة لمحاربة الفساد في لبنان، ولا يوجد أي لبناني آخر اعتقد أنه عمل همزة وصل بين أوروبا والقضاء الأوروبي والعالمي ولبنان، وانا محارب من الجميع لسبب معين، وفي لبنان لا أحد يريد محاربة الفساد ربما هناك فعلا من يستفيد منه”.

 الاتحاد الاوروبي منغمس في الملف اللبناني

الخبير القانوني في المفوضية الأوروبية الدكتور محي الدين الشحيمي وفي حديث لـ “جسور” أكد لعب الاتحاد الاوروبي دورا في الحياة اللبنانية ، وهو منغمس كليا بملف الازمة اللبنانية المعاصرة ، ورغم كل المتغيرات العالمية والدولية والاوروبية وتهديد الحرب لها ووصولها الى تخومها وبيتها ، ما زال الاستقرار اللبناني اولوية وانما باختلاف ملاءات التعاطي معه.
فالاتحاد الاوروبي جزء من الاجماع الدولي حول الية الحل للملف اللبناني والذي تبلور أخيراً بالبيان الثلاثي الموقع على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة بين ( السعودية وفرنسا واميركا ) ، بالزامية الطائف والمناصف كحل استقراري للملف اللبناني محافظا على وحدة العيش ووحدة التراب اللبناني ولقطع الطريق على كل حالات شاذة التي تخرج عن هذا المنطق وحتى لو كانت كوجهات نظر او من اعمال مراكز ابحاث ومنابر حوار جامعية ، وحتى لو لم تتبناها بشكل مباشر اي دولة او حتى اي مجموعة من جماعات الصف الاول في القرار الدولي والاوروبي ،فمصيرها الموت على منبرها ، فلا احد يجرؤ على طرح اي صيغة مناقضة للطائف بشكل مباشر لذلك وجدنا ومؤخرا لمثل هذه الاساليب الملتوية وبدعوة باطنية خبيثة وكأنها دعوة عشاء وهي دعوة تحمل في طياتها الكثير وخصوصا في مثل هذا الوقت وهو ما تم احباطه ، فالطائف ليس رسالة وعقد بيع انما هو الاتفاق الذي انهى الحرب والذي ارسى معالم الدولة واليات تطويرها واستمراريتها والاتحاد الاوروبي متشدد ضمن هذا الخيار كجزء من الاجماع الدولي ، لذلك تم الغاء هذا الجمع وكل لقاء مشابه سوف يلقى نفس المصير ، فلا مجال لغير طيغة الطائف والمناصفة ، فلا مثالثة ومرابعة ولا مخامسة، لانهم يهددون جميعا لوحدة الارض اللبنانية ، والاولوية هي لتطبيق الطائف فهو لم يحترم ولم يعط حقه ، وخصوصا من خلال الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسة والاقرار بالتطبيق الفعلي لالية اللامركزية الادارية ولمكافحة الفساد والدعم كل الدعم للانتقال الى مرحلة حقيقية من ادارة السلطة قائمة على الشفافية والمحاسبة ، ويجاهد الاتحاد الاوروبي مع المجتمع الدولي والعربي حول هذه القضية والتي باتت مطلبا ومدخلا لاي دعم واصلاح ومساعدات ومنح ، واعتمد الاتحاد سياسة العقوبات والتي اصطدمت في الحقيقة بثلاثة عقبات :
1- الاليات التنفيذية القانونية للعقوبات نفسها .
2- اصطدام بين الصلاحية الوطنية الاوروبية والاتحادية للعقوبات وتشابك وشيوع القوانين .
3- تعامل الشخصيات المستهدفة من هذه العقوبات بطريقة خبيثة مع العقوبات والعمل على العديد من الخطوات والتي منها عقوبات جافة وغير ذي منفعة بالاضافة الى البطء في تطبيقها بسبب المعوقات اللوجيستية وحتى الخلافية .
هنالك ايضا الدخول نوعا في بازارات السياسة وخصوصا لجهة المفاضلة والترغيب والترهيب على هامش الحرب الاوركرانية والاتفاق النووي والحاجة الاوروبية للطاقة كذلك وكلها امور متشابكة في سلسلة واحدة، وبطأت عمليا خطوات التطبيقية لهذه العقويات لانشغال اوروبا بنفسها والطلب من لبنان مساعدة نفسه اكثر .
فالاتحاد الاوروبي بتعامل مع لبنان من الدول المستقلة والمؤسسات وهو يحترم نتائج الاستحقاقات الدستورية والتي تعكس رغبة الشعب والتي ينادي ويشجع فيها لذلك فهو يتعامل مع اهل السلطة لانهم اتوا بقرار من الشعب وبحيثية منهم وهو يحترم قرار الشعب والديمقراطية التي افرزتها ولو انه مضطرا لذلك حول بعض الشخصيات السياسية والتي عليها عقوبات في الاصل وانما هذا هو الواقع ، فمع من يتحاور وخصوصا ان الحراك ولو انه ايجابي لن يثبت الى الان اي رقي سياسي في التعامل ، وهو بحاجة لوقت اضافي اكثر لذلك فالاتحاد الاوروبي جزء من الاجماع الدولي والذي يعمل لاستقرار لبنان بسقف الطائف والمناصفة فلا بديل وغير مسموح لاي احلام اخرى وهي لن تمر ، وكل رذاذ حول هذا الموضوع سيتم نحره ، ويدعو ايضا لاحترام الدولة للاستحقاقات الدستورية القادمة ولتطبيق الطائف بشكل صحيح .

حل استقراري

على المقلب الآخر، كشفت مصادر سياسية مطلعة في حديث لـ”جسور”، أن “الاتحاد الاوروبي يتعامل مع لبنان على أنه من الدول المستقلة، ويحترم نتائج الاستحقاقات الدستورية فيه، وتلك التي تعكس رغبة الشعب، لذلك فهو يتعامل مع أهل السلطة على أنهم أتوا بقرار من الشعب، باعتبار أن الحراك لم يثبت إيجابية جدية بعد”.
وتابعت: “الإتحاد الأوروبي هوجزء من الاجماع الدولي حول آلية الحل للملف اللبناني والذي تبلور مؤخرًا بالبيان الثلاثي الموقع على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بين السعودية وفرنسا وأميركا، وذلك بإلزامية الطائف كحل استقراري”.
وكان رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الحقوقية، المحامي بول مرقص في حديث سابق، حذّر من أن “يطبّق الاتحاد الأوروبي سلسة عقوبات على أفراد أو كيانات لبنانية في سياق تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بهدف تعزيز السياسة الخارجية والأمنية المشتركة، كدعم الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان والدفاع عن مبادئ القانون الدولي”.
وأشار إلى أن “الاتحاد الأوروبي يعمل على توجيه عقوباته بعناية وتصميم بطريقة تتناسب مع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها. فهي تستهدف المسؤولين عن السياسات أو الإجراءات التي يريد الاتحاد الأوروبي التأثير فيها”.
وكما ذكّر بأنه “لدى الاتحاد الأوروبي آلية لفرض العقوبات استنادًا إلى المادتين 30 و31 من معاهدة الاتحاد، وحق القيام بالمبادرات من اختصاص أي دولة عضو والممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية والشؤون السياسة الأمنية”.
وأوضح مرقص أنه “بعد تقديم اقتراح فرض العقوبات، تتم مناقشته بدايةً بعبارات عامة في مجلس الشؤون الخارجية، ثم يناقش بمزيد من التفاصيل من قبل اللجنة السياسية والأمنية، وبعد ذلك يقدّم إلى فريق عمل المجلس المسؤول عن المنطقة الجغرافية التي ينتمي إليها البلد المستهدف، لفحص ومناقشة الإجراءات المقترحة، وأخيرًا يتفاوض مندوبو الدول الأعضاء في المجلس ويقررون بالإجماع من سيتم إدراجه”.
Exit mobile version