• Sami El Solh Highway Facing Justice Palace
  • +9611611717

نتنياهو سيحاكم… أو سيبقى فاراً حتى آخر العمر 21/11/2024

في الوقت الذي كان فيه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يتفاوض مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، كانت المحكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحقه، ووزير دفاعه المقال يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب في قطاع غزة، ما استدعى ردود فعل كثيرة على هذا القرار، منها من اعتبره خطوة إيجابية، وآخرون رأوا أنه “على الفاضي”.

ولكن ما كانت وجهة نظر الخبراء والاختصاصيين بشأن هذا القرار؟

قرار بالغ الأهمية

رئيس منظمة “جوستيسيا” في بيروت، والعميد في “الجامعة الدولية للأعمال” في ستراسبورغ، المحامي البروفيسور بول مرقص، يقول في حديث لموقع “لبنان الكبير” إن “هذا الامر بالغ الاهمية، لأنه عملي، ولا يشبه قرارات محكمة العدل الدولية التي صدرت مطلع العام الحالي، والتي كانت تدابير احترازية لم تأبه بها إسرائيل فهذه أوامر اعتقال تعمم على الدول الـ 124 التي صادقت على نظام روما لعام 1998، والتي وافقت على أن تطبق احكام هذا النظام، على الأقل في المادتين 88 و89 منه، اذا صدرت أي قرارات عن المحكمة وهذه أبرز قراراتها في هذه المرحلة التمهيدية”.

ويوضح مرقص أن هذا الأمر سيعرقل سفر المعنيين بهذه الأوامر، الذين لن يستطيعوا التنقل براحة، وعليهم أن يدرسوا خطواتهم، وبالتالي يعرقل هذا الأمر تحركاتهم واتصالاتهم وضغوطهم الديبلوماسية.

ويضيف: “الدول الـ 124 متفرقة، من آسيا وأميركا اللاتينية وإفريقيا وأوروبا، عدد منها سيلتزم، مثل فرنسا وهولندا وبلجيكا وايطاليا وألمانيا، فالتنقل سيزعج نتنياهو مثلاً بالسفر من إسرائيل الى الولايات المتحدة الأميركية، لأنه لن يتمكن من أن يحط في مطار أوروبي دولته تلتزم باتفاق روما، فسيطير بالمباشر”.

ويرى مرقص أن “هناك عدداً من الدول التي لا بأس بها على المستوى العملي يجب أن تطبق هذه الأوامر، إن كان قبل صدورها وتحديداً اليوم بالنسبة الى هولندا إضافة إلى دول أخرى تحترم القاعدة الحقوقية وتحترم التزاماتها الدولية، وبالتالي لا حاجة لها الى الاعلان عن ذلك، وحتى أن هنالك دولاً تصنّف بأنها في المنطقة الرمادية التي هي رمادية الموقف، تقايض بذلك، ولا تعلن صراحة”.

ويختم مرقص: “بحسب المادتين 18 و19 من نظام روما، أصدرت الغرفة التمهيدية ما يقع ضمن صلاحياتها المادتين 88 و89، تلزم الدول بالتنفيذ واتخاذ إجراءات داخلية سواء تعديلات تشريعية للامتثال الى هذه المعادلة الدولية، وبالتالي القرارات طبعاً الزامية لكن من الصعب أن نتصور معاقبة دولة معينة لعدم التزامها فهذا أمر محفوف بالصعوبات لأن الدول يجب أن تعمل بنظام وشرف وعليها أن تلتزم بالتزاماتها، لكن في السياسة قد تذهب أحياناً الى محاباة إسرائيل وبالتالي عدم توقيف المعنيين”.

فار من العدالة حتى الممات

المحامية ديالا شحادة، وهي محامية سابقة في المحكمة الجنائية الدولية تشرح لـ “لبنان الكبير” أن هذا القرار يعني مجموعة أمور، أهمها أن المحكمة الجنائية الدولية محكمة مستقلة حقيقة وفعلاً وليس فقط نظرياً عن الأمم المتحدة ومنظومة مجلس الأمن وتأثير الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية وعن كل السياق السياسي الذي يسمح باستمرار هذه الجرائم.

وتقول: “هذه المحكمة مستقلة ولو لم تكن مستقلة لما كانت أصدرت قراراً كهذا عن دوائرها القضائية التمهيدية. لكن هذه القرارات تعني مسائل أخرى أيضاً، المشكلة اليوم، أي مشكلة المجتمع الدولي حيال الجرائم التي يرتكبها الاسرائيلي، ليست مشكلة قوانين، ولا مشكلة اتفاقيات دولية، انما مشكلة حكومات لا تلتزم بالقوانين والاتفاقيات الدولية، والدليل هو أن المحكمة الجنائية الدولية الوحيدة في العالم لمحاسبة الأفراد عن الجرائم الدولية لم تتردد في اصدار هذه القرارات، القضاة أصدروها خلال أشهر قليلة بعد ما تم التقدم بطلبات لاصدار هذه القرارات من المدعي العام الذي كان هو سبب التأخير في تحريك هذا الإجراء”.

وتضيف: “تؤثر هذه القرارات بالدرجة الأولى على نتنياهو، أولاً على سمعته كسياسي حول العالم، لأن اسمه سوف يقترن في كل الأخبار بأنه مطلوب للعدالة الدولية بمذكرات توقيف دولية، وتؤثر أيضاً في منعه على الأغلب من دخول حوالي ثلثي دول العالم، 124 دولة على الأقل هي الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية والملتزمة بتنفيذ قراراتها أي القاء القبض على الأشخاص المطلوبين منها إذا دخلوا أراضيها”.

وتشير شحادة الى أن منع دخول نتنياهو ثلثي دول العالم “يجعله غير قادر على القيام بوظيفته السياسية كرئيس حكومة خصوصاً أن من بين هذه الدول جميع دول كتلة الاتحاد الأوروبي ومعظم الكتلة الافريقية وعدد لا بأس به من دول أميركا اللاتينية والدول الآسيوية”.

وبحسب المحامية شحادة يعني أيضاً القرار أن الأموال والأصول الخاصة التي تعود الى نتنياهو في هذه الدول ستكون معرضة لطلبات التجميد لصالح ضحايا الجرائم التي ارتكبها.

وتلفت الى أن المحكمة الجنائية الدولية لا تجري محاكم غيابية، بالتالي إذا لم يتم توقيف نتنياهو فسيبقى الإجراء معلقاً عند هذه المذكرات، التي لا تسقط بالتقادم ومرور الزمن، بل تستمر حتى وفاة الأشخاص المطلوبين أو حتى محاكمتهم من محكمة وطنية، محاكمة وفق معايير النزاهة وحسب ما تتسنى للمحكمة الجنائية الدولية نفسها أن تتأكد منه وأيضاً على أن تتم محاكمته بالجرائم الملاحق عليها.

وتختم شحادة بالقول: “لا أعتقد في ظروف كهذه أن يتم توقيفه، لأنه لن يزور دولة غير متيقن من التزامها بتوقيفه أم لا، ولكن يمكن توقيفه في المستقبل حين يخسر نفوذه السياسي، حين لا يعود رئيساً لحكومة إسرائيل، وحين يكسر خصومه الداخليين والخارجيين بما قد يؤدي الى توقيفه في دولة من دول الأطراف في المحكمة مستقبلاً. وإن لم يتم توقيفه سيبقى فاراً من القضاء الدولي حتى مماته”.

مصدر:https://www.grandlb.com/politics/100073/

Leave A Comment