JUSTICIA Foundation

مفاهيم خاطئة للتدويل والوصاية الدولية والحياد | 21-12-2022

“ليبانون ديبايت”

تطرح المشاركة غير المباشرة لفريق تحقيقٍ إيرلندي مع قوات اليونيفيل في جانبٍ من التحقيقات التي تجريها قيادة قوات الطوارىء الدولية مع عناصر الكتيبة الإيرلندية التي تعرضت لإطلاق نار في العاقبية الأسبوع الماضي، أسئلةً حول صلاحيات اليونيفيل في العمل الميداني علماً أن التحقيقات منوطة بالجيش اللبناني والذي يُطلع بدوره القيادة الدولية على تطورات التحقيق في مقتل الجندي شون روني وجرح ثلاثة من زملائه في الحادث المذكور.

وتتزامن هذه التساؤلات مع تنامي الحديث في الآونة الأخيرة عن مؤتمر دولي أو تدويل الملف اللبناني أو تصنيف لبنان دولةً فاشلة، في ظلّ الأزمة الرئاسية واليوم مع الدخول الأممي على خطّ الحادث الأمني مع القوات الدولية. وفي هذا المجال يرى رئيس مؤسسة “جوستيسيا” المحامي الدكتور بول مرقص، أن هناك خلطٌاً بين عدة مفاهيم متصلة بالحياد والتدويل والوصاية الدولية وحتى الوصاية الدولية على دولة فاشلة، مبدياً سلسلة ملاحظات حول هذه المفاهيم المختلفة والآليات المعتمدة لها.

وعلى هامش المواكبة الدولية والأممية لحادث العاقبية، يوضح الدكتور مرقص لـ “ليبانون ديبايت” ، شروط التدويل والذي يأتي غالباً بموجب قرارات دولية لحماية دولة معينة على غرار القرارات 1701 و1559، بينما الحياد يصدر غالباً بموجب إعلانٍ عن دولة ترغب في عدم الدخول في صراعات دولية، كما أن التحييد، يُمكن أن يصدر عن الدول لصالح دولة معيّنة لإبقائها بمنأى عن الصراعات، وكذلك فإن “المؤتمر الدولي” من شأنه تقديم دعم دولي لمساعدة دولة معيّنة على النهوض، وهو ما ورد في دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي الهادفة إلى إنقاذ لبنان.

وخلافاً للشائع على منصات التواصل الإجتماعي والمتداول في الأوساط السياسية حول مفهوم “الوصاية الدولية”، يكشف الدكتور مرقص أن الوصاية الدولية لا تتناول في المبدأ، دولةً ذات سيادة وعضواً في الأمم المتّحدة كلبنان، مشيراً إلى أنه ومنذ العام 1994، لم تعد الدول الكبرى ترغب في تحمّل أعباء الدول الصغرى أو الفاشلة.

ورداً على سؤال عن دور وتدخل الأمم المتحدة في التحقيق بحادث العاقبية، يتحدث رئيس مؤسسة “جوستيسيا”، عن شروطٍ لأي تدخّل أممي، مؤكداً أن الأمم المتحدة، لا تتدخل عموماً إلاّ في حال تحقّقت إحدى حالتين: دعوة الدولة المعنية الأمم المتّحدة إلى التدخّل وموافقة هذه الأخيرة، أو تبرير مجلس الأمن تدخّله وِفق المادة 39 وبعض الأحكام التي تليها من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتّحدة، في حال “تهديد السلم والأمن العالميين”، وهذا يتطلّب موافقة 9 دول على الأقل من الأعضاء الـ 15 التي تؤلّف المجلس، وعدم استعمال دولة دائمة العضوية حقّ النقض- الفيتو، مع العلم أن جميع هذه الشروط غير متوافرة في حالة لبنان راهناً.

وانطلاقاً ممّا تقدم، فهل تساهم التطورات الأخيرة في تعزيز طرح البطريرك الراعي حول الحياد، وهل أن المجتمع الدولي يوافق على هذا الطرح؟ هنا يقول الدكتور مرقص، إنّ الحياد يتطلّب تعبيراً إرادياً عن رغبة الدولة وتجسيداً له بوضوح بموجب نصّ قانوني وممارسته كما حصل مع النمسا وهي من أولى دول الحياد.

ويضيف أنه في حالة لبنان، ثمّة نص ّدستوري واحد على الأقل وجب التفكير في تعديله هو مقدّمة الدستور، التي تنصّ في الفقرة “ب” منها على أنّ لبنان عضو مؤسّس وعامل في جامعة الدول العربية والأمم المتّحدة وملتزم مواثيقهما، حيث يُعتبر “من المتعذّر أن يكون لبنان محايداً تماماً وهو في هذه الوضعية، خصوصاً وأنّه انضمّ إلى اتفاقيات هذه المنظمة الاقليمية مثال معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الإقتصادي (1950). وربّما لا يكون من الضروري خروج لبنان تماماً من هذه الوضعيات، لأنّ حياده المنشود هو حياد ايجابي كما طرحه البطريرك، أي عدم ترك الحقوق والقضايا المحقّة، ولأنّ الأعمال الإعدادية لميثاق الجامعة ووثائق اجتماعاتها منذ إنشائها تنصّ على أنّ لبنان دولة مساندة وليس دولة مواجهة”.

ويشدد مرقص على أنه في مطلق الأحوال، لتعديل الدستور يجب التوافق، وإلا فموافقة أكثرية ثلثي عدد أعضاء الحكومة (حسب المادة 65 من الدستور) وثلثي مجموع أعضاء مجلس النواب (المادة 77 منه) وهو الأمر الذي يبدو متعذّراً راهناً.

Exit mobile version