JUSTICIA Foundation

مذكرة توقيف سلامة.. ما هي الخيارات التي يملكها لبنان دولياً؟ | 17-5-2023

الرد الفرنسي على تخلف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن المثول أمام نائبة الرئيس المكلفة بالتحقيق بالمحكمة القضائية في باريس أود بوروزي، جاء سريعاً عبر إصدار الأخيرة مذكرة توقيف دولية بحقه، على رغم أن فريق رياض سلامة القانوني كان استبق جلسة الاستجواب الفرنسية عبر تقديم دفوع شكلية أمام النيابة العامة التمييزية يطالب فيها بتعليق التعاون مع التحقيقات الأوروبية، والاكتفاء بالتحقيق المحلي الذي يجري على خلفية التحقيقات الأوروبية في قضايا غسل أموال واختلاس.

استدعاء فرنسي لحاكم مصرف لبنان

كان المدعون الفرنسيون حددوا جلسة استجواب له اليوم الثلاثاء في تمام الساعة 9:30 صباحاً، وفقاً لوثائق المحكمة التي اطلعت عليها “رويترز”. وذكرت الأخيرة أن “المدعين الفرنسيين يعتزمون الضغط على التهم الأولية، وتسميته رسمياً مشتبهاً فيه خلال تلك الجلسة”.

من جهته قال وكيل سلامة بيار أوليفييه سور إن تغيب موكله يعود إلى عدم تبليغه بوجوب المثول أمام القضاء الفرنسي وفق الأصول، في وقت أشارت مصادر قانونية إلى أن السلطات فشلت في إخطار سلامة بالاستدعاء على رغم محاولة الشرطة أربع مرات تسليم الإخطار إليه في مقر البنك المركزي.

طعن على القرار

في المقابل رد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيان على قرار قاضية التحقيق الفرنسية أود بوروزي، معتبراً أن قرارها “يشكل خرقاً لأبسط القوانين، كون القاضية لم تراع المهل القانونية المنصوص عليها في القانون الفرنسي، على رغم تبلغها وتيقنها من ذلك. بالتالي سيتم الطعن على القرار الذي يشكل مخالفة واضحة للقوانين”. ولفت إلى أن القاضية الفرنسية اتخذت قرارها بناء على “أفكار مسبقة”، وأوضح أن القرار الفرنسي “عدالة مبنية على الكيل بمكيالين”.

سيادة القضاء اللبناني تحمي حاكم المصرف

وتعليقاً على مذكرة التوقيف الفرنسية أوضحت الباحثة في القوانين المصرفية والمالية سابين الكك أنه يحق للدولة اللبنانية عدم تسليم مطلوبين لديها كونها تملك معيار السيادة القضائية، واعتبرت أن فريق الدفاع عن سلامة كان مطمئناً لذلك، وكان متأكداً أنه مهما كان قرار القاضية الفرنسية فوجوده على الأراضي اللبنانية هو المكان الأفضل لمنع تطبيق مذكرة التوقيف الصادرة عن القضاء الفرنسي كونه محصناً بالسيادة القضائية اللبنانية ومحمياً بالنصوص القانونية التي تقف عائقاً أمام ضبطه وإحضاره.

وأكدت المتخصصة وجود مفاعيل لتلك المذكرة التي ستعمم على أجهزة الإنتربول الدولية، مما سيعطل حركة سلامة في التنقل عبر المطارات والدول، معتبرة أن القرار ضيق الخناق عليه وعلى حركته.

النظام المالي… تأثير عابر للحدود

وتوقعت الكك أن تكون هناك تداعيات في علاقة لبنان المالية مع دول العالم، كون سلامة يترأس المؤسسة النقدية الأولى في البلاد، وأن الجرائم المالية الموجهة من اختلاس وتبييض أموال تمس بصدقية هذا الموقع السيادي للبلاد، معتبرة أن تداعيات استمراره في هذا الموقع في وضعه القانوني الحالي في المدة المتبقية من ولايته باتت أسوأ من تداعيات إقالته، وأن بقاءه سيتسبب في أضرار كبيرة على النظام المالي اللبناني.

وكشفت عن أن المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً قضائياً وتداعيات خطرة، لا سيما أن إصدار مذكرة التوقيف وإدانة سلامة لم يكن مفاجئاً، في ظل عدم جدية الحكومة اللبنانية بإجراءاتها الإصلاحية، ولفتت إلى أن الأزمة النقدية والمصرفية فتحت العيون المحلية والدولية على جرائم الفساد وتقاطعها مع المصالح السياسية والمصرفية، مشيرة إلى أن الرأي العام بات يضع السياسيين والمصرفيين والحاكم في الخانة نفسها.

تدابير عقابية

من ناحيته رأى عميد العلاقات الدولية في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ بول مرقص أنه استناداً إلى المادة الـ12 من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، “يتمتع كل من رئيس الهيئة وأعضائها والعاملين لديها أو المنتدبين من قبلها بالحصانة ضمن نطاق عملهم”، أي أن الحاكم، وهو رئيس هيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال، يتمتع بحصانة مطلقة طوال مدة توليه منصبه، على رغم أن هذه الحصانة محصورة بعمله هذا، كما أنها لا تحميه من الملاحقات القانونية في لبنان والعالم على أفعاله الشخصية.

بالتالي يعتبر أنه يتعذر توقيفه، إلا أن ذلك لا يمنع اتخاذ مجموعة من التدابير الأخرى مثل تقييد تنقلاته والحجز على حساباته في مصارف أوروبية، وأصوله وعقاراته في فرنسا وسائر الدول الأوروبية.

إقالة سلامة

وعقب القرار الفرنسي طالب عدد من النواب اللبنانيين باستقالة سلامة من منصبه على رأس الحاكمية بعدما بات ملاحقاً دولياً.

وقال النائب مارك ضو في تغريدة “احتراماً للدستور والمؤسسات الحكومية ولمصرف لبنان بما يمثلون بالنسبة إلى الشعب اللبناني وللشرعية والسلطات في لبنان والخارج، على سلامة الاستقالة فوراً حفاظاً على مؤسسات الدولة واحترامها”.

بدوره دعا النائب ميشال الدويهي إلى “جلسة برلمانية طارئة للجان المشتركة تحضرها الحكومة لمناقشة هذه القضية التي لها حتماً تداعيات خطرة على ما تبقى من سمعة البلاد نقدياً ومالياً ومصرفياً. جلسة تدق ناقوس الخطر وتطرح الحلول والمخارج قبل فوات الأوان وتصنيف لبنان دولة مارقة ملجأ للفارين من العدالة”.

وسأل “كيف لحكومة أن تقبل بأخبار متداولة على نطاق دولي واسع تفيد بأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بات هارباً من وجه العدالة الأوروبية؟ كيف لها أن تقبل مسرحية أن أجهزتها الأمنية عجزت عن تبليغ سلامة موعد حضوره أمام القاضية الفرنسية؟ أليست تلك الأجهزة هي التي تحمي سلامة وتواكبه أمنياً؟”.

وأضاف “كيف لحكومة أن تثق بوجود سلامة على رأس الجهاز النقدي والمصرفي ويتخذ أخطر القرارات وهو ملاحق دولياً؟ وكيف لها أن تطلب مساعدة المجتمع الدولي وهي تحمي مطلوباً للعدالة الدولية؟ هذه الحكومة تمثل منظومة ترعى سلامة وتحميه، لأنه أحد أكبر مفاتيح أسرار 30 عاماً من الفساد الذي دمر ودائع الناس”.

Exit mobile version