JUSTICIA Foundation

للمرجعيات الحقّ في خوض معركة الرئاسة… فهل تسخّر مواقعها الرسمية لهذا المرشح أو ذاك؟ | 16-3-2023

غموض أصلاً في آلية الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية وتلك النقطة تثير إشكاليات عدة

“النهار”- عباس صباغ

لم يعد سرّاً ان بعض المواقف من الاستحقاق الرئاسي، ولا سيما بالنسبة الى أسماء المرشحين، باتت فوق الطاولة ولم تعد مضمرة أو تحتمل التأويل. لكن هل يحق لمرجعيات رسمية ان تدعم وتخوض معركة مرشح بعينه، أم ان الامر عاديّ في لبنان ومتعارف عليه منذ عقود؟

لم يخفِ رئيس مجلس النواب نبيه بري دعمه للمرشح الوزير السابق سليمان فرنجيه في الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي توفير الاصوات الممكنة له للفوز بالرئاسة.

وخلال لقاءات بري مع مسؤولين عرب وأجانب، كان بعض معارضيه يترقبون ما اذا كان رئيس المجلس قد ابلغ زواره باسم مرشحه للرئاسة أم ان الامر بات معروفاً سلفاً ولا داعي لذلك.

“رئيس كتلة … يدعم مَن يشاء”
غالباً ما يجري الخلط بين اداء المراجع السياسية الرسمية وبين انتماءاتهم الحزبية، ويشتد ذلك الغموض عندما يتعلق الامر بالاستحقاقات المفصلية وفي مقدمها انتخابات رئاسة الجمهورية.

بَيد ان التجارب أثبتت ان لكل رئيس جمهورية أو رئيس حكومة أو رئيس مجلس مرشحه، سواء للرئاسة الاولى أم لرئاستي الحكومة والمجلس، وقد عرف لبنان تلك التجارب في اكثر من عهد رئاسي، قبل الطائف أو بعده.

في الامثلة على ذلك تفضيل رؤساء جمهورية التعاون مع رؤساء حكومات محددين والابتعاد عن آخرين، وبرزت ثنائيات منذ الاستقلال كتلك التي جمعت الرئيسين الراحلين بشارة الخوري ورياض الصلح، وكذلك فؤاد شهاب ورشيد كرامي، وبعد الطائف كانت ثنائية الراحلين الياس الهراوي ورفيق الحريري.

هذا الامر يكرس مبدأ تفضيل رئيس جمهورية التعاون مع رئيس حكومة، وبالتالي عدم اخفاء الدعم لتولّي الاخير منصبه.

وسواء كان رئيس الجمهورية رئيس كتلة برلمانية ام لم يكن، كان الواقع يتكرس خلال اكثر من عهد رئاسي.

كل ذلك ينسحب على رؤساء مجالس النواب الذين كانوا يفضلون مرشحاً لرئاسة الجمهورية من دون غيره، ولكن هل كانوا يسخّرون الموقع الرسمي للوصول الى ذلك الهدف؟

عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم يؤكد لـ”النهار” ان رئيس المجلس كرئيس كتلة برلمانية ومن موقعه السياسي “له كامل الحق في دعم هذا المرشح او ذاك، وان الامر بديهي”، ويضيف ان “طبيعة النظام اللبناني وتركيبته تسمحان بكثير من الاستثناءات غير المألوفة في النظم السياسية”، لافتا الى ان “الواقع الطائفي والمذهبي يسمح بمفاهيم مختلفة على اعتبار ان للمسؤولين مواقعهم الرسمية والحزبية وفق انتماء طائفي، ولهذا يُعدّ امرا طبيعيا التعاطي من هذه المنطلقات في طروحاتهم”.

ويخلص هاشم الى ان ذلك “يفضي الى ان المرجعيات السياسية تجاهر برؤيتها ومقاربتها للاستحقاقات امام زوارها، رسميين كانوا أم غير رسميين”.

ويتقاطع موقف رئيس منظمة “جوستيسيا” الحقوقية الدكتور بول مرقص مع مقاربة هاشم، ويلفت الى ان “أي نائب أو رئيس كتلة يمكنه دعم وتسمية أي مرشح للرئاسة، وهذا امر طبيعي بالنسبة الى رئيس المجلس طالما انه لا يسخّر رئاسة المجلس لهذا الغرض”.

من جهته، يؤكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في “القوات اللبنانية” شارل جبور انه “يجب التمييز بين انتظام العمل داخل مجلس النواب حيث يحرص رئيس المجلس على ادارة هذا العمل ويسهر على دستورية الجلسات ويحمّل مَن يطيّر النصاب المسؤولية عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وبين الموقف السياسي لرئيس المجلس، ولكل مسؤول رأي وموقف وقناعة سياسية والامر ينسحب على رئيس المجلس وغيره”. ويرى جبور ان بري هو “جزء لا يتجزأ من حلف الممانعة وحليف لحزب الله، ونحن في انقسام استراتيجي مع ذلك الحلف الذي نحمّله المسؤولية عما وصلت اليه الاحوال في البلاد”.

كل ذلك يترافق مع غموض أصلاً في آلية الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، حيث ان تلك النقطة تثير إشكاليات عدة. وبمراجعة الدستور اللبناني والنظام الداخلي لمجلس النواب، لا يوجد نص حول كيفية الترشح وآلياته. النص الوحيد الموجود في المادة 49 من الدستور هو أنه يقتضي أن تتوافر في شخص الرئيس الشروط التي تؤهّله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح.

Exit mobile version