JUSTICIA Foundation

حضر وزراء التيار جلسة الحكومةأم اعتكفوا:لا مساءلة إلا إذا عطلوا المرفق العام! | 29-12-2022

خاص – المركزية

مطلع الشهر الجاري وفي ما لبنان والعالم منشغلان بالمونديال سجل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مدعوماً من الثنائي الشيعي هدفا في مرمى التيار الوطني الحر من خلال الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء بذريعة تلبية حاجات الناس الملحة، وفي طليعتها توزيع الاعتمادات المخصصة للاستشفاء والموافقة على الطلب من مصرف لبنان سداد مبلغ 35 مليون دولار شهرياً للأشهر الثلاثة المقبلة لزوم شراء أدوية للأمراض المستعصية والمزمنة والسرطانية.

يومها عمد ميقاتي إلى استبدال جدول الاعمال الفضفاض الذي كان محدداً ب 65 بنداً بجدول من 25 حصراً للاعتراضات المسيحية، إلا أن المفاجأة جاءت من قبل 9 وزراء أعلنوا رفضهم دعوة ميقاتي وهم  عبد الله بو حبيب، وهنري خوري، وموريس سليم، وامين سلام، وهكتور حجار، ووليد فياض، ووليد نصار، وجورج بوشيكيان وعصام شرف الدين، مما حال دون اكتمال نصاب الثلثين الضروري لعقد الجلسة.وحده الوزير بوشكيان عاد وحضر الجلسة لأسباب بررها لاحقا.

لكن ماذا لو استمررفض وزراء التيار حضور جلسات مجلس الوزراء، هل سيلجأ ميقاتي ومجلس النواب الى المادة 70 من الدستور التي تنص على انه ” يحق  لمجلس النواب ان يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى او باخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم ولا يجوز ان يصدر قرار الاتهام الا باغلبية الثلثين من مجموع اعضاء المجلس…”. هل سيتحرك مجلس النواب او رئيس حكومة تصريف الأعمال لوقف تعريض مرفق عام الى التعطيل، علما ان الدستور يعمل على ضمان استمراريته؟

بحسب الخبير الدستوري ورئيس مؤسسة “جوستيسيا” الدكتور بول مرقص فإن “مسؤولية الوزراء في حكومة مستقيلة أو معتبرة مستقيلة تكمن في تصريف الأعمال وجوباً وليس جوازاً، بمعنى أنه يجب عليهم تصريف الأعمال، وهذا ليس بخيار إنما واجب عليهم القيام به في وزاراتهم ودائرتها ونطاقها. لكن اجتماع مجلس الوزراء وبسبب المعنى الضيق المنصوص عليه في الدستور بعد التعديلات التي أدخلت عليه بعد اتفاق الطائف في أيلول 1990، وبعد أن أصبحت ضيقة وخصوصا متى تزامن ذلك مع الشغور في سدة الرئاسة لحكومة مستقيلة أو معتبرة مستقيلة، فإن مشاركة الوزراء في اجتماع لمجلس الوزراء يعود إلى سلطتهم التقديرية، بسبب الإجتهاد أو التفسير المتضارب حول مدى إمكانية اجتماع الحكومة، والبنود التي يمكن أن تُدرج على جدول أعمالها. على أن لا تخضع سلطتهم التقديرية إلى مساءلة نيابية أو قضائية”.

يضيف المحامي مرقس “على رغم أنني من دعاة انعقاد مجلس الوزراء لأمور طارئة أو ملحة لا تحتمل التأجيل إلى حكومة قادمة، إلا أن مساءلة الوزراء على مشاركتهم أو عدم مشاركتهم في جلسة لمجلس الوزراء لا تجوز، إلا في حالة واحدة على أن تخضع للمادة 70 من الدستور وهي عندما يستنكفون عن أداء موجباتهم داخل وزاراتهم لناحية تأمين الخدمات للمواطنين وتسيير المرفق العام الذي يتولون الإشراف أو الوصاية عليه. وهنا تكمن المساءلة والمحاسبة في المجلس الأعلى”.

إذا على رغم رأيي بضرورة انعقاد جلسة حكومية لأمور حتمية ولا تحتمل التأجيل، فإن لهم سلطة تقديرية لا تخضع للمساءلة على عكس مسألة تصريف الأعمال داخل وزاراتهم التي تخضع للمساءلة”.

اللقاء الوزاري الأول في ظل الشغور الرئاسي سطره عامل المفاجأة بحسب الوزراء المحسوبين على التيار الوطني الحر الذين قاطعوا بعدما”فاجأهم دولة رئيس الحكومة المستقيلة بدعوتنا لعقد جلسة لمجلس الوزراء بجدول اعمال فضفاض ومتخبّط من 65 إلى 25 بنداً، فيما حكومتنا هي حكومة تصريف اعمال (بالمعنى الضيّق للكلمة) ولم تجتمع منذ اعتبارها مستقيلة منذ ايار الماضي..وعليه نعلن عدم موافقتنا وعدم قبولنا بجلسة مجلس الوزراء من منطلق دستوري وميثاقي كما عدم موافقتنا او قبولنا بأي من قراراتها”.

لكن الأكيد أن ميقاتي ما كان ليخوض هذا التحدي لو لم يكن أمّن الغطاء الداخلي، عبر ثنائي “حركة أمل- حزب الله” و”الحزب التّقدّمي الاشتراكي” وتيّار “المردة”، واستطاع من خلال علاقته مع رئيس مجلس النّواب نبيه بري تليين موقف “حزب الله”، وتردّده المتّصل بالحرص على عدم كسر الجرّة مع حليفه باسيل، قبل أن تنكسر كليا إلى درجة استدعاء وزير العمل مصطفى بيرم من الخارج، لضمان نصاب الجلسة”.

فهل تكون الجلسة الثانية معطوفة على حراك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل خلال فترة الأعياد أم تكون المواجهة بالمادة 70 التي أسقطت في ملف جريمة تفجير المرفأ لجهة محاكمة الوزراء الذين تم استدعاؤهم للمثول أمام قاضي التحقيق طارق البيطار؟

ثمة من يؤيد فكرة وجود قضاء واحد صالح لمحاكمة الجميع، وهناك من يرى ان لا ضرر من وجود قضاء خاص لمحاكمة كبار مسؤولي الدولة، الذين لا يمكن محاكمتهم كغيرهم من المواطنين امام ذات القضاء، خصوصا في الجرائم التي ترتدي طابعا سياسيا، ما يوجب وضع ضوابط للمحاكمة والاتهام بغية عدم افساح المجال امام الثأر السياسي. وفي الحالين “لا تندهي ما في حدا”.

Exit mobile version