التمديد لابراهيم … بحث عن صيغة قانونية لا تحتمل الطعن | 22-2-2023

أفُشلت مساعي عقد جلسة تشريعية لدرس عدد من اقتراحات القوانين؛ أهمها الكابيتال كونترول، والتمديد لقادة الأجهزة الأمنية، فمجددا تقاطت مصالح الخصوم لتطيير الجلسة التي كان يفترض أن تنتهي إلى التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي تنتهي ولايته في 2 آذار مع بلوغه سن الرابعة والستين.
وبعد إقفال السبل التشريعية، برز المخرج الذي طرحه الوزير السابق ناجي البستاني والذي حمله إلى القوى السياسية المعنية ويتضمن ثلاثة بنود متدرجة هي الآتية:
«1 ـ استدعاؤه من الاحتياط مع تطبيق تعليق المهل لجهة السنوات الخمس المحددة للاحتياط بإضافة سنتين وخمسة أشهر تؤلف مهلة التعليق.
2 – عندها يتولى المديرية العامة (للأمن العام) لأنه الأعلى رتبة والأكثر قدماً.
3 ـ يمكن لاحقاً تأجيل التسريح عملاً بأحكام المادة 55 من المرسوم الاشتراعي 102/1983 الذي يطبق على قوى الامن الداخلي والامن العام».
ويستند البستاني إلى أن اللواء إبراهيم منذ استقال من الخدمة العسكرية عام 2017 أضحى في الاحتياط طوال خمس سنوات، ولأن مهلة السنوات الخمس في الاحتياط استنفدت، بات يتعذر استدعاؤه منه لتجاوزه المدة تلك. فوجد الحل في قانون تعليق المهل الناشئ عن تفشي جائحة كورونا ما يقتضي تطبيقه بمنحه سنتين إضافيتين وخمسة أشهر كي يسري عليه الاستدعاء من الاحتياط فيعود إلى الخدمة الفعلية في الأمن العام على أنه الضابط الأقدم والأعلى رتبة فيطبق عليه كل ما يطبق على ضباط الخدمة الفعلية المنصوص عليه في المادة 55 من المرسوم الاشتراعي 102/1983. ما يفترض بعد ذاك أن يصار الى تأجيل تسريحه لمدة غير محددة يكون في خلالها على رأس المديرية بقرار يوقعه وزير الداخلية تبعاً لمرسوم نظام الاحتياط في قوى الامن الداخلي.
يقول رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية الدكتور بول مرقص لـ”لبنان24″:منذ استقالة اللواء عباس إبراهيم من منصبه في السلك العسكري وإعادة تعيينه بوظيفة مدنية كمدير عام للمديرية العامة للأمن العام ، أصبح خاضعاً للمرسوم الإشتراعي رقم /112/ لعام 1959 (قانون الموظفين) الذي يحدّد السنّ القانوني للموظفين العامين حيث وفقاً للفقرة الأولى من المادة /68/ منه، والتي تنصّ على أنه: “1- يحال حكماً على التقاعد أو يصرف من الخدمة كل موظف أكمل الرابعة والستين من عمره.”
لم يتناول المرسوم الإشتراعي، بحسب مرقص، أي أحكام تتعلّق بتمديد سنّ التقاعد، مما يعني أنه يقتضي أن يصدر تشريع خاص في هذا المجال، وتجدر الإشارة إلى أنها لن تكون المرّة الأولى التي يصدر فيها تشريع للتمديد. ففي عهد رئيس الجمهورية السابق إلياس الهراوي، أقرّ مجلس النواب القانون رقم 463/1995 يتعلّق “بتعديل سن التسريح الحكمي من الخدمة العائد لرتبة عماد في الجيش واجازة تمديد تعيين الموظفين الفنيين في ملاك المديرية العامة لرئاسة الجمهورية”، حيث سمح للحكومة بموجب مرسوم أن تمدّد مدّة تعيين الموظفين العامين الذين كانوا سيبلغون السنّ القانونية لمدّة ثلاث سنوات، كإستثناء على المادة /68/ من قانون الموظفين، وعمل بهذا القانون لمرّة واحدة فقط، وقد أخذ القانون بعين الإعتبار عند التمديد المصلحة الوطنية العليا ودقة المرحلة على الصعيد الاقليمي، كما وضرورة الاستمرار في تدعيم ركائز الدولة لمواجهة التحديات المستقبلية. كما أنه في عهد الرئيس السابق ميشال عون عام 2021، صدر قانون آخر لتأخير تسريح عقداء في الجيش لحين بلوغهم سنّ الثامنة والخمسين، مما يعني أن الآلية القانونية للتمديد للواء إبراهيم، يجب أن تتم ، كما يؤكد مرقص إما عبر قانون يصدر عن مجلس النواب كما في السوابق أو بواسطة مرسوم صادر عن مجلس الوزراء.
وسط ما تقدم، فإن المساعي والاتصالات مستمرة لايجاد حل لقضية التمديد، والبحث يتركز حول صيغ متعددة خارج ما يطرح عن عقد استشاري يوقّعه وزير الداخلية بسام المولوي مع ابراهيم كونه لم يعد عسكرياً لأن هذه الخطوة معرّضة للطعن لعدم قانونيتها، في حين يبدو وفق مصادر حقوقية ان صيغة التمديد للواء ابراهيم بمرسوم من مجلس الوزراء تحظى باهتمام المعنيين لأنها لا تتضمن أي مخالفة لقانون الوظيفة العامة وتقطع الطريق على أي تفكير بالطعن.ويأتي ذلك بالتوازي مع معلومات اكدتها مصادر مطلعة لـ”لبنان 24″ أن قرارا محليا من قيادات حزبية عليا تدفع لابقاء اللواء ابراهيم في منصبه فضلا عن أن الاتحاد الاوروبي أبلغ من يعنيهم الأمر حرصه الشديد على التمديد للواء إبراهيم لحجم الدور الذي يؤديه واهميتة.
وتجدر الإشارة إلى أن ابراهيم يمثل شخصية وطنية غير طائفية. وقد أثبتت التجربة ذلك في خلال توليه مهامه في عهد رئيس الجمهورية الاسبق اميل لحود والرئيس السابق ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي، فشخصيتة الوطنية تشرّبها في المؤسسة العسكرية والأمن العام فهو تدرج من فرع المكافحة ثم في لواء الحرس الجمهوري ثم في فوج المغاوير ثم في قيادة منطقة بيروت ثم في مخابرات الجنوب حيث لعب دورا في إدارة بعض الملفات أبرزها ملف اليونيفيل والملف الفلسطيني، ثم تولى منصب مساعد مدير المخابرات ثم مديرًا للأمن العام، حيث حقق إنجازات عدة لا تحصى في قضايا متشابكة محلية وأبعد من الحدود فضلا عن أنه عمل على تطوير منظومة علاقاته ذات الطابع الأمني والسياسي معا مع الدول الإقليمية والغربية والمجتمع الدولي بما يخدم مصلحة لبنان وسيادته بالتوازي مع جهوده الكبيرة التي قام بها للحفاظ على المرفق العام وانتظام عمله.